المحرر الوجيز، ج ١، ص : ٤٠
باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه
روى ابن عباس أن رجلا سأل النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال : أي علم القرآن أفضل؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم :«عربيته فالتمسوها في الشعر».
وقال أيضا صلى اللّه عليه وسلم :«أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن اللّه يحب أن يعرب».
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي اللّه عنه : إعراب القرآن أصل في الشريعة، لأن بذلك تقوم معانيه التي هي الشرع.
وقال أبو العالية في تفسير قوله عز وجل : وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً [البقرة : ٢٦٩]، قال :«الحكمة» الفهم في القرآن، وقال قتادة :«الحكمة» القرآن والفقه فيه، وقال غيره :
«الحكمة» تفسير القرآن.
وذكر علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه جابر بن عبد اللّه فوصفه بالعلم، فقال له رجل : جعلت فداك، تصف جابرا بالعلم وأنت أنت؟ فقال : إنه كان يعرف تفسير قوله تعالى : إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ [القصص : ١٩٧].
وقال الشعبي : رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية، فقيل له : إن الذي يفسرها رحل إلى الشام، فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها.
وقال إياس بن معاوية : مثل الذين يقرؤون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة لا يدرون ما في الكتاب، ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الكتاب.
وقال ابن عباس :«الذي يقرأ ولا يفسر كالأعرابي الذي يهذ الشعر».
وقال مجاهد :«أحب الخلق إلى اللّه أعلمهم بما أنزل».
وقال الحسن :«و اللّه ما أنزل اللّه آية إلا أحب أن يعلم فيمن أنزلت وما يعني بها».
وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم :«لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة».
وقال الحسن :«أهلكتهم العجمة، يقرأ أحدهم الآية فيعيى بوجوهها حتى يفتري على اللّه فيها».
وكان ابن عباس يبدأ في مجلسه بالقرآن ثم بالتفسير ثم بالحديث.
وقال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه :«ما من شيء إلا وعلمه في القرآن ولكن رأي الرجل يعجز عنه».