المحرر الوجيز، ج ٢، ص : ٤٩٦
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا
سورة الأنفال
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم تفسير سورة الأنفال على بركة اللّه.
هي مدنية كلها كذا قال أكثر الناس، وقال مقاتل هي مدنية غير آية واحدة وهي قوله تعالى : وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا [الآية : ٣٠] الآية كلها وهذه الآية نزلت في قصة وقعت بمكة ويمكن أن تنزل الآية في ذلك بالمدينة، ولا خلاف في هذه السورة أنها نزلت في يوم بدر وأمر غنائمه.
قوله عز وجل :
[سورة الأنفال (٨) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١)
النفل والنفل والنافلة في كلام العرب الزيادة على الواجب، وسميت الغنيمة نفلا لأنها زيادة على القيام بالجهاد وحماية الدين والدعاء إلى اللّه عز وجل، ومنه قول لبيد :[الرمل ]
إنّ تقوى ربّنا خير نفل
أي خير غنيمة، وقول عنترة :
إنّا إذا احمرّ الوغى نروي القنا ونعفّ عند مقاسم الأنفال
والسؤال في كلام العرب يجيء لاقتضاء معنى في نفس المسئول، وقد يجيء لاقتضاء مال أو نحوه، والأكثر في هذه الآية أن السؤال إنما هو عن حكم «الأنفال» فهو من الضرب الأول، وقالت فرقة إنما سألوه الأنفال نفسها أن يعطيهم إياها، واحتجوا في ذلك بقراءة سعد بن أبي وقاص وعبد اللّه بن مسعود وعلي بن الحسين وأبي جعفر محمد بن علي وزيد بن علي وجعفر بن محمد وطلحة بن مصرف وعكرمة والضحاك وعطاء «يسألونك الأنفال»، وقالوا في قراءة من قرأ عن أنها بمعنى «من»، فهذا الضرب الثاني من السؤال واختلف الناس في المراد ب الْأَنْفالِ في هذه الآية، فقال ابن عباس وعكرمة ومجاهد والضحاك وقتادة وعطاء وابن زيد هي الغنائم مجملة، قالوا وذلك أن سبب الآية ما جرى يوم بدر وهو أن أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم افترقوا يوم بدر ثلاث فرق : فرقة أقامت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في العريش


الصفحة التالية
Icon