المحرر الوجيز، ج ٤، ص : ٥١٧

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

سورة الزّمر
وهذه السورة مكية بإجماع، غير ثلاث آيات نزلت في شأن وحشي قاتل حمزة بن عبد المطلب، وهي : قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ [الزمر : ٥٣] الآيات. وقالت فرقة : بل إلى آخر السورة هو مدني وقيل فيها : مدني سبع آيات.
قوله عز وجل :
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (٢) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (٣)
تَنْزِيلُ رفع بالابتداء، والخبر قوله : مِنَ اللَّهِ. وقالت فرقة : تَنْزِيلُ خبر ابتداء تقديره : هذا تنزيل، والإشارة إلى القرآن.
وقرأ ابن أبي عبلة :«تنزيل» بنصب اللام.
و: الْكِتابِ في قوله : تَنْزِيلُ الْكِتابِ قال المفسرون : هو القرآن، ويظهر إلى أنه اسم عام لجميع ما تنزل من عند اللّه من الكتب، فإنه أخبر إخبارا مجردا أن الكتب الهادية الشارعة إنما تنزيلها من اللّه، وجعل هذا الإخبار تقدمة وتوطئة لقوله : إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ.
و: الْعَزِيزِ في قدرته. الْحَكِيمِ في ابتداعه. و: الْكِتابَ الثاني : هو القرآن لا يحتمل غير ذلك.
وقوله : بِالْحَقِّ يحتمل معنيين، أحدهما : أن يكون معناه متضمنا الحق، أي بالحق فيه وفي أحكامه وأخباره. والثاني : أن يكون بِالْحَقِّ بمعنى بالاستحقاق والوجوب وشمول المنفعة للعالم في هدايتهم ودعوتهم إلى اللّه.
وقوله تعالى : فَاعْبُدِ اللَّهَ يحتمل أن تكون الفاء عاطفة جملة من القول على جملة واصلة، ويحتمل أن يكون كالجواب، لأن قوله : إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ جملة كأنه ابتداء وخبر، كما لو


الصفحة التالية
Icon