المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ١٥٥
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
سورة قوهي مكية بإجماع من المتأولين، روى أبيّ بن كعب عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال :«من قرأ سورة «ق» هون اللّه عليه الموت وسكراته».
قوله عز وجل :
[سورة ق (٥٠) : الآيات ١ الى ٨]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (٣) قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ (٤)بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (٥) أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ (٦) وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٧) تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٨)
قال ابن عباس : ق اسم من أسماء القرآن. وقال أيضا اسم من أسماء اللّه تعالى. وقال قتادة والشعبي : هو اسم السورة، وقال يزيد وعكرمة ومجاهد والضحاك : هم اسم الجبل المحيط بالدنيا، وهو فيما يزعمون من زمردة خضراء، منها خضرة السماء وخضرة البحر. والْمَجِيدِ الكريم في أوصافه الذي جمع كل معلوة.
و: ق على هذه الأقوال : مقسم به وب الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، وجواب القسم منتظر. واختلف الناس فيه، فقال ابن كيسان جوابه : ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ [ق : ١٨]، وقيل الجواب : إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ [ق : ٣٧] وقال الزهراوي عن سعيد الأخفش الجواب : قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وضعفه النحاس، وقال الكوفيون من النحاة الجواب : بَلْ عَجِبُوا، والمعنى : لقد عجبوا.
قال منذر بن سعيد : إن جواب القسم في قوله : ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ [ق : ٢٩]، وفي هذه الأقوال تكلف وتحكم على اللسان.
وقال الزجاج والمبرد والأخفش : الجواب مقدر تقديره : ق، وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ لتبعثن، وهذا قول حسن وأحسن منه : أن يكون الجواب الذي يقع عنه الإضراب ب بَلْ، كأنه قال. ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ما ردوا أمرك بحجة، أو ما كذبوك ببرهان، ونحو هذا مما لا بد لك من تقديره بعد الذي قدر