المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٢٧٢
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
سورة المجادلةوهي مدنية بإجماع، إلا أن النقاش حكى أن قوله تعالى ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ [المجادلة : ٧] مكي، وروى أبي بن كعب أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال :«من قرأ سورة المجادلة كتب من حزب اللّه».
قوله عز وجل :
[سورة المجادلة (٥٨) : الآيات ١ الى ٢]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (١) الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢)سَمِعَ اللَّهُ عبارة عن إدراكه المسموعات على ما هي ما عليه بأكمل وجوه ذلك دون جارحة ولا محاداة ولا تكييف ولا تحديد تعالى اللّه عن ذلك.
وقرأ الجمهور : قَدْ سَمِعَ بالبيان : وقرأ ابن محيصن : قَدْ سَمِعَ بالإدغام، وفي قراءة ابن مسعود :«قد يسمع اللّه قول التي»، وفيها :«و اللّه قد يسمع تحاوركما».
واختلف الناس في اسم التي تجادل، فقال قتادة هي خويلة بنت ثعلبة، وقيل عن عمر بن الخطاب أنه قال : هي خولة بنت حكيم. وقال بعض الرواة وأبو العالية هي خويلة بنت دليج، وقال المهدوي، وقيل :
خولة بنت دليج، وقالت عائشة : هي خميلة. وقال ابن إسحاق : هي خولة بنت الصامت. وقال ابن عباس فيها : خولة بنت خويلد، وقال محمد بن كعب القرظي ومنذر بن سعيد : هي خولة بنت ثعلبة، قال ابن سلام :«تجادل» معناه تقاتل في القول، وأصل الجدل القتل، وأكثر الرواة على أن الزوج في هذه النازلة :
أوس بن الصامت أو عبادة بن الصامت. وحكى النقاش وهو في المصنفات حديثا عن سلمة بن صخر البياضي أنه ظاهر من امرأته أن واقعها مدة شهر رمضان فواقعها ليلة فسأل قومه أن يسألوا له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأبوا وهابوا ذلك وعظموا عليه، فذهب هو إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بنفسه وسأله واسترشدوه فنزلت الآية. وقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :«أ تعتق رقبة»؟ فقال له واللّه ما أملك رقبة غير رقبتي، فقال :«أ تصوم شهرين متتابعين؟»، فقال يا رسول اللّه وهل أتيت إلا في الصوم، فقال :«أ تطعم ستين مسكينا؟» فقال : لا أجد، فأعطاه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صدقات قومه فكفر بها فرجع سلمة