المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٤٦٠
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
سورة البروجوهي مكية بإجماع من المتأولين لا خلاف في ذلك.
قوله عز وجل :
[سورة البروج (٨٥) : الآيات ١ الى ٩]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (١) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (٢) وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (٣) قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (٤)النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٩)
اختلف الناس في الْبُرُوجِ، فقال الضحاك وقتادة : هي القصور، ومنه قول الأخطل :[البسيط]
كأنها برج رومي يشيّده لز بجص وآجر وأحجار
وقال ابن عباس : الْبُرُوجِ النجوم، لأنها تتبرج بنورها، والتبرج : التظاهر والتبدي، وقال الجمهور وابن عباس أيضا : الْبُرُوجِ هي المنازل التي عرفتها العرب وهي اثنا عشر على ما قسمته العرب وهي التي تقطعها الشمس في سنة، والقمر في ثمانية وعشرين يوما، وقال قتادة معناه : ذات الرمل، والسماء يريد أنها مبنية في السماء، وهذا قول ضعيف، وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ هو يوم القيامة باتفاق، قاله النبي صلى اللّه عليه وسلم، ومعناه : الموعود به، وقوله : وَمَشْهُودٍ، معناه : عليه أو له أو فيه، وهذا يترتب بحسب الحساب في تعيين المراد ب «شاهد ومشاهد»، فقد اختلف الناس في المشار إليه بهما فقال ابن عباس : الشاهد اللّه تعالى، والمشهود يوم القيامة، وقال ابن عباس والحسن بن علي وعكرمة : الشاهد محمد صلى اللّه عليه وسلم، والمشهود يوم القيامة، قال اللّه تعالى : إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً [الأحزاب : ٤٥، الفتح : ٨]، وقال في يوم القيامة وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ [هود : ١٠٣]، وقال مجاهد وعكرمة أيضا : الشاهد آدم وجميع ذريته، والمشهود يوم القيامة، ف شاهِدٍ اسم جنس على هذا، وقال بعض من بسط قول مجاهد وعكرمة : شاهِدٍ أراد به رجل مفرد أو نسمة من النسم، ففي هذا تذكير بحقارة المسكين ابن آدم، والمشهود يوم القيامة، وقال الحسن بن أبي الحسن وابن عباس أيضا : الشاهد يوم عرفة، ويوم الجمعة، والمشهود يوم القيامة، وقال ابن عباس وعلي وأبو هريرة والحسن وابن المسيب وقتادة : شاهِدٍ يوم الجمعة، وَمَشْهُودٍ يوم عرفة، وقال ابن عمر : شاهِدٍ يوم الجمعة، وَمَشْهُودٍ يوم النحر، وقال جابر : شاهِدٍ يوم الجمعة، وَمَشْهُودٍ الناس، وقال محمد بن كعب :