﴿الَّذين اعتدوا مِنْكُم فِي السبت فَقُلْنَا لَهُم كونُوا قردة خَاسِئِينَ (٦٥) فجعلناها نكالا لما بَين يَديهَا وَمَا خلفهَا وموعظة لِلْمُتقين (٦٦) ﴾ الْأَعْرَاف.
﴿فَقُلْنَا لَهُم كونُوا قردة خَاسِئِينَ﴾ وَهَذَا أَمر تكوين لَيْسَ للْعَبد فِيهِ صنع وَلَا اخْتِيَار.
﴿خَاسِئِينَ﴾ مبعدين. وَمِنْه يُقَال: [أخسا] أَي: أبعد. فَإِن قيل: لم قَالَ: " قردة خَاسِئِينَ " وَإِنَّمَا تنْعَت القردة بالخاسئات؟ قيل: فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير. وَتَقْدِيره. خَاسِئِينَ قردة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فجعلناها نكالا لما بَين يَديهَا﴾ أَي: فَجعلنَا عقوبتهم بالمسخ نكالا. والنكال: اسْم لكل عُقُوبَة تنكل النَّاظر من فعل مَا جعلت الْعقُوبَة جَزَاء عَلَيْهِ. وَمِنْه النّكُول من الْيَمين، وَهُوَ منع الْيَمين.
﴿لما بَين يَديهَا﴾ فَإِن قيل: كَيفَ يكون نكالا لما بَين يَديهَا وهم قد مضوا؟ قيل: أَرَادَ بِهِ الَّذين حَضَرُوا فِي ذَلِك الزَّمَان.
﴿وَمَا خلفهَا﴾ الَّذين يأْتونَ من بعد " وَمَا " هَاهُنَا: بِمَعْنى " من " وَفِيه قَول آخر: أَرَادَ " لما بَين يَديهَا ": مَا سبقت من الذُّنُوب ﴿وَمَا خلفهَا﴾ مَا حضرت من الذُّنُوب الَّتِي أخذُوا بهَا.
وَفِيه قَول ثَالِث: أَرَادَ " بِمَا بَين يَديهَا " الْقرى الَّتِي كَانَت مَبْنِيَّة فِي الْحَال. وَمَا خلفهَا: بِالْحَدَثِ من الْقرى من بعد.
﴿وموعظة لِلْمُتقين﴾ من أمة مُحَمَّد.