والابتداع : ابتداء أمر لم يحتذ على مثل، ومنه وقول : البدعة خلاف السنة.
ويسأل عن قوله :﴿ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ ﴾ ؟
والجواب : أن قتادة قال : ابتدعوا رفض النساء، واتخاذ الصوامع.
وقيل : ما كتبناها عليهم إلا أنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله، فما رعوها حق رعايتها، وهذا قول عبد الرحمن بن زيد، قال ابن عباس : ابتدعوا لحاقهم بالبراري والجبال، فما رعاها الذين بعدهم حق رعليتها، وذلك لتكذيبهم بمحمد - ﷺ -، وقيل : ما كتبناها عليهم : ما فرضناها عليهم، وقيل : ما كتبناها عليهم البتة.
ونصب ﴿ رَهْبَانِيَّةً ﴾ على هذا الوجه بإضمار فعل تقديره : ابتدعوا رهبانية ابتدعوها، ونصب ﴿ رِضْوَانِ اللَّهِ ﴾ على البدل من (الهاء) في ﴿ مَا كَتَبْنَاهَا ﴾، وهو قول الزجاج، وعلى القول الآخر يكون معطوفاً على ما قبله.
﴿ ومن سورة المجادلة ﴾
قوله تعالى :﴿ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ ﴾ [المجادلة : ٧].
النجوى هاهنا : المتناجون، فأما قوله :﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ ﴾ [المجادلة : ١٠]، فمعناه : التناجي، وأصله السر، قال قتادة : كان المنافقون يتناجون بينهم فيغيظ ذلك المؤمنين، وقيل : كانوا يوهمون أنه حديث على المسلمين من حرب أو نحوها، وهو قول عبد الرحمن بن زيد، وقيل : نهى النبي - ﷺ - اليهود عن النجوى ؛ لأنهم كانوا يتناجون إلا بما يسوء المؤمنين.
ويجوز في ﴿ ثَلَاثَةٍ ﴾ و ﴿ خَمْسَةٍ ﴾ الجر والرفع :