العسر الأول هو العسر الثاني، واليسر الأول غير اليسر الثاني، وقد جاء في الحديث :(لن يغلب عُسرٌ يُسرَين)، ووجه ذلك : أن العسر معرف، فهو واحد ؛ لأنه ذلك المعرف بعينه، واليسر منكر، ولو كان اليسر الثاني هو الأول لتكرر وفيه الألف واللام ليعرف ذكره، كما تقول : رأيت رجلاً، وأكرمت الرجل، قال الله تعالى :﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (١٥) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ﴾ [المزمل : ١٥-١٦] عرف الثاني لما كان هو الأول، وقال :﴿ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ﴾ [النور : ٣٥]، ومثل تكرير ﴿ الْعُسْرِ ﴾ وفيه الألف واللام والثاني هو الأول قول الشاعر :
[لا أرى] الموت يسبق الموت شيء نغص الموت ذا الغنى والفقيرا
فالموت في ذلك كله شيء واحد.
﴿ ومن سورة والتين ﴾
قوله تعالى :﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ ﴾ [التين : ١-٢].
﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ﴾ : نوعان من الشجر نبه الله [عليهما] ونوه بهما، فأقسم بهما، وقيل : التين والزيتون : جبلان، فالتين بدمشق والزيتون ببيت المقدس، وقال عبد الرحمن بن زيد : التين مسجد دمشق، والزيتون بيت المقدس، وقال الحسن ومجاهد وعكرمة وقتادة : التين هو الذي يؤكل، والزيتون هو الذي يعصر.
﴿ وَطُورِ سِينِينَ ﴾ : جبل بين الحجاز والشام، وهو الذي كلم الله موسى بن عمران عليه، وهذا قول الحسن، يقال : طور سينين وطور سيناء بمعنى واحد، وقيل : سينين