معاني القرآن، ج ٣، ص : ٤٥
ومن سورة الجاثية
قوله عز وجل : وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ (٤).
يقول : فى خلق الآدميين وسواهم من كل ذى روح «١» آيات. تقرأ : الآيات بالخفض على تأويل النصب. يرد على قوله :«إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ». ويقوّى الخفض فيها «٢» أنها فى قراءة عبد اللّه :(لآيات). وفى قراءة أبى : لآيات لآيات لآيات «٣» ثلاثهن. والرفع قراءة الناس على الاستئناف فيما بعد أنّ، والعرب تقول : إن لى عليك مالا، وعلى أخيك مال كثير.
فينصبون الثاني ويرفعونه.
وفى قراءة عبد اللّه :«و فى اختلاف الّليل والنهار». فهذا يقوى خفض الاختلاف، ولو رفعه رافع فقال : واختلاف الليل والنهار آيات أيضا يجعل الاختلاف آيات، ولم نسمعه من أحد من القراء قال : ولو رفع رافع الآيات، وفيها اللام كان صوابا. قال : أنشدنى الكسائي :
إنّ الخلافة بعدهم لذميمة وخلائف طرف لمما أحقر «٤»
فجاء باللام، وإنما هى جواب لأنّ، وقد رفع لأن الكلام مبنى على تأويل إنّ.
وقوله : قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا (١٤).
معناه فى الأصل حكاية بمنزلة الأمر، كقولك : قل للذين آمنوا اغفروا فإذا ظهر الأمر مصرحا فهو مجزوم لأنه أمر، وإذا كان على الخبر مثل قوله :«قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا»، «وَ قُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا «٥») و«قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ «٦»»، فهذا مجزوم بالتشبيه بالجزاء والشرط
(٢) في ب : ويقوى الخفض أنها.
(٣) الثالثة فى قوله بعد آية (وفى خلقكم) :(واختلاف الليل والنهار وما أنزل اللّه من السماء من رزق فأحيا به الأرض من بعد موتها وتصريف الرياح آيات).
(٤) فى (ا) أخفر.
(٥) سورة الإسراء الآية ٥٣.
(٦) سورة إبراهيم الآية ٣١.