معاني القرآن، ج ٣، ص : ٢٩٨
ومن سورة أبى لهب
قوله عز وجل : تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ (١).
ذكروا أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قام على المروة، فقال : يا آل غالب، فاجتمعت إليه، ثم قال : يا آل لؤى، فانصرف ولد غالب سوى لؤى، ثم قال ذلك حتى انتهى إلى قصى.
فقال أبو لهب : فهذه قصى قد أتتك فما لهم عندك؟ فقال : إن اللّه تبارك وتعالى قد أمرنى أن أنذر عشيرتى الأقربين، فقد أبلغتكم، فقال أبو لهب : أما دعوتنا إلّا لهذا؟ تبّا لك، فأنزل اللّه عز وجل :«تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ» وفى قراءة عبد اللّه :«و قد تب» فالأول : دعاء، والثاني : خبر. قال الفراء :«تَبَّ» : خسر، كما تقول للرجل : أهلكك اللّه، وقد أهلكك، أو تقول : جعلك اللّه صالحا، وقد جعلك.
وقوله عز وجل : وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤)، ترفع الحمّالة وتنصب «١»، فمن رفعها فعلى جهتين :
يقول : سيصلى نار جهنم هو وامرأته حمالة الحطب تجعله من نعتها، والرفع الآخر وامرأته حمالة الحطب، تريد : وامرأته حمالة الحطب فى النار، فيكون فى جيدها هو الرافع، وإن شئت رفعتها بالحمالة، كأنك قلت : ما أغنى عنه ماله وامرأته هكذا. وأما النصب فعلى جهتين :
إحداهما [١٥١/ ا] أن تجعل الحمالة قطعا لأنها نكرة ألا ترى أنك تقول : وامرأته الحمالة الحطب «٢»، فإذا ألقيت الألف واللام كانت نكرة، ولم يستقم أن تنعت معرفة بنكرة.
والوجه الآخر : أن تشتمها بحملها الحطب، فيكون نصبها على الذم، كما قال صلّى اللّه عليه وسلّم سيّد المرسلين سمعها الكسائي من العرب. وقد ذكرنا [مثله ] «٣» فى غير موضع.
(٢) فى ش : الحطب.
(٣) زيادة من ش يطلبها الأسلوب. [.....]