تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ١٩٠١
[الجزء الثالث ]
تفسير سورة القصص
مناصرة المستضعفين
إن رسالة الإسلام الخالدة إنما ركزت في مخططها العام على تحقيق العدل ونشره، ومحاربة الظلم وسدنته، والحدّ من غطرسة أهل الاستكبار والبغي، والعمل على مناصرة المستضعفين المظلومين في كل مكان، وكان هذا التّوجه في العهد المكّي الأول، لذا افتتحت سورة القصص المكّية بإعلان جانب من قصة موسى مع فرعون، موسى عليه السّلام الذي يمثّل الحق والدفاع عن المستضعفين، وفرعون حاكم مصر الذي استعلى في أرضها، وأذل بعض طوائفها، ولكن قدرة الله وإرادته بالمرصاد، فأراد اللّه المنّ والإنعام على الذين استضعفوا، وجعلهم سادة أئمة، يرثون السلطة والملك، وأراد تعذيب المستكبرين فرعون وهامان وجنودهما، لبطشهم بالضعفاء، قال اللّه تعالى مبيّنا هذا القانون الإلهي :
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ١ الى ٦]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
طسم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٣) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٤)وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (٥) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ (٦)
«٢» «٣» «٤» [القصص : ٢٨/ ١- ٦].
(٢) أصنافا في الخدمة. [.....]
(٣) يبقيهن أحياء للخدمة.
(٤) يخافون من ذهاب ملكهم.