تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٣٧٩
تفسير سورة الدخان
ليلة إنزال القرآن وتهديد المشركين
أنزل الله تعالى في ابتداء تنزيله القرآن الكريم بعض السور والآيات في ليلة القدر المباركة، رحمة من الله بعباده، وعلما منه بما يصلحهم، والله سبحانه هو رب كل شي ء من السماوات والأرض، وهو الإله الواحد الذي يحيي ويميت، رب الأولين والآخرين، فمن آمن بالقرآن نجا، ومن أعرض عنه هلك، لذا استحق المشركون التهديد بالعذاب، إما في الدنيا بالجوع الشديد والجدب، حتى إن الجائع يرى دخانا بينه وبين الناس، وإما قبيل يوم القيامة حيث يجي ء دخان، يصيب المؤمن منه مثل الزكام، ويشوي رؤوس المنافقين والكافرين، وهذا مقرر في مطلع سورة الدخان المكية بالاتفاق :
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ١ الى ١٦]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤)أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٥) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦) رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٧) لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٨) بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (٩)
فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ (١١) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (١٣) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (١٤)
إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ (١٥) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (١٦)
«١» «٢» «٣» «٤»
(٢) أي محكم لا لبس فيه.
(٣) انتظر.
(٤) يحيط بهم من كل جانب.