﴿كَانُوا هودا أَو نَصَارَى قل أأنتم أعلم أم الله وَمن أظلم مِمَّن كتم شَهَادَة عِنْده من الله وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٠) تِلْكَ أمة قد خلت لَهَا مَا كسبت وَلكم مَا كسبتم وَلَا تسْأَلُون عَمَّا كَانُوا يعْملُونَ (١٤١) سَيَقُولُ السُّفَهَاء من النَّاس مَا ولاهم﴾ ﴿كسبتم وَلَا تسْأَلُون عَمَّا كَانُوا يعْملُونَ﴾ يَعْنِي: أَنكُمْ غير مسؤولين عَن أَعْمَالهم بل هم المسئولون.
فَإِن قيل: هَذَا تكْرَار؛ فَإِنَّهُ قد ذكره مرّة.
قُلْنَا: أما الأول: كَانَ فِي الْأَنْبِيَاء الَّذين سبق ذكرهم. وَهَذَا الثَّانِي: فِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى الَّذِي سبق ذكرهم فِي هَذِه الْآيَات. أَو كَرَّرَه تَأْكِيدًا.
وَحكى عَن بعض الْعلمَاء أَنه سُئِلَ عَمَّا وَقع من الْفِتَن بَين عَليّ وَمُعَاوِيَة وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَعَائِشَة رضوَان الله عَلَيْهِم - فَقَرَأَ ﴿تِلْكَ أمة قد خلت لَهَا مَا كسبت وَلكم مَا كسبتم﴾ الْآيَة وَهَذَا جَوَاب حسن فِي مثل هَذَا السُّؤَال.
قَوْله تَعَالَى: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاء من النَّاس﴾ أَي: يَقُول السُّفَهَاء الْجُهَّال، وَالسَّفِيه: خَفِيف الْحلم وَالْعقل. وَمِنْه الثَّوْب يَعْنِي السَّفِيه وَيُقَال: رمح سَفِيه، أَي: سريع النّفُوذ.
﴿مَا ولاهم﴾ مَا عدلهم وحرفهم ﴿عَن قبلتهم الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا﴾ يَعْنِي: بَيت الْمُقَدّس ﴿قل لله الْمشرق وَالْمغْرب﴾ يُوَجه الْعباد إِلَى أَيهمَا شَاءَ ﴿يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم﴾ أَي: طَرِيق مُسْتَقِيم. وَالطَّرِيق الْمُسْتَقيم: هُوَ الْموصل إِلَى الْمَقْصُود.
وَنزلت الْآيَة فِي الْيَهُود؛ حَيْثُ عيروا الْمُسلمين على تحويلهم من بَيت الْمُقَدّس إِلَى الْكَعْبَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ﴾ يَعْنِي: كَمَا اخترنا الْأَنْبِيَاء واخترنا بني إِسْرَائِيل من الْخلق فَكَذَلِك اخترناكم من الْأُمَم. (أمة وسطا) أَي: عدلا خيارا. قَالَ الشَّاعِر: