﴿اخْتلف فِيهِ إِلَّا الَّذين أوتوه من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَينَات بغيا بَينهم فهدى الله الَّذين آمنُوا لما﴾ الِاسْتِيلَاء على بني قُرَيْظَة وَالنضير، على اسهل وَجه من غير قتال وَلَا تَعب.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿كَانَ النَّاس أمة وَاحِدَة﴾ فالأمة فِي اللُّغَة: على وُجُوه، مِنْهَا: الْأمة بِمَعْنى الدّين، وَمِنْه قَول النَّابِغَة:

(حَلَفت، فَلم أترك لنَفسك رِيبَة وَهل يأثمن ذُو أمة وَهُوَ طائع)
أَي ذُو دين.
وَالْأمة: الْفرْقَة من النَّاس وَغَيرهم، فالترك أمة، وَالروم أمة، وَالْفرس أمة، وَمن الطير أمة، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَلَا طَائِر يطير بجناحيه إِلَّا أُمَم أمثالكم﴾.
وَالْأمة: الْحِين، وَقَالَ الله تَعَالَى: ﴿وادكر بعد أمة﴾ أَي: بعد حِين.
وَالْأمة: الإِمَام الَّذِي يَقْتَدِي بِهِ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن إِبْرَاهِيم كَانَ أمة﴾.
وَالْأمة: الْمعلم للخير. وَالْأمة: الْقَامَة، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(وَإِن مُعَاوِيَة الأكرمين حسان الْوُجُوه طوال الْأُمَم)
وَالْأمة بِكَسْر الْألف: النِّعْمَة، وَالْمرَاد بالأمة هَهُنَا الدّين.
يَعْنِي: كَانَ النَّاس على دين وَاحِد ثمَّ اخْتلفُوا فِي مَعْنَاهُ.
وَقَالَ بَعضهم وَهُوَ قَول مُجَاهِد أَرَادَ بِهِ آدم، كَانَ أمة وَاحِدَة.
وَقيل وَهُوَ قَول قَتَادَة وَسَعِيد بن جُبَير: أَرَادَ بِهِ عشْرين قرنا من بني آدم ونوح كَانُوا على الْإِسْلَام.


الصفحة التالية
Icon