﴿ونحاس فَلَا تنتصران (٣٥) فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٦) فَإِذا انشقت السَّمَاء فَكَانَت وردة كالدهان (٣٧) فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٨) فَيَوْمئِذٍ لَا يسْأَل عَن ذَنبه﴾
وَقَالَ مُجَاهِد: قِطْعَة من النَّار فِيهَا خضرَة. وَالْمرَاد بِالْإِرْسَال هُوَ إرْسَال الْعَذَاب.
وَقَوله: ﴿عَلَيْكُمَا﴾ منصرف إِلَى الْجِنّ وَالْإِنْس.
وَقَوله: ﴿ونحاس﴾ يقْرَأ بِكَسْر السِّين وَضمّهَا، والنحاس من الدُّخان، وَفِي قَول الْأَكْثَرين، قَالَ الشَّاعِر:

(يضيء كضوء سراج السليطة لم يَجْعَل الله فِيهِ نُحَاسا)
وَقَالَ مُجَاهِد: النّحاس: الصفر الْمُذَاب على رُءُوس الْكفَّار.
وَقَوله: ﴿فَلَا تنتصران﴾ أَي: لَا تمتنعان، يُقَال: لَا يكون لَكمَا قُوَّة دفع الْعَذَاب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذا انشقت السَّمَاء فَكَانَت وردة﴾ أَي: حَمْرَاء.
وَقَوله: ﴿كالدهان﴾ وَقَالَ ابْن عَبَّاس: كالأديم الْأَحْمَر، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَنهُ: أَن الوردة وردة النَّبَات، وَهِي تكون حَمْرَاء فِي الْأَغْلَب، قَالَ عبد بني الحساس:
(فَلَو كنت وردا لَونه [لعشقنني] وَلَكِن [رَبِّي شانني] بسواديا)
وَذكر الْفراء والزجاج وَغَيرهمَا أَن الوردة هَاهُنَا: لون الْفرس الْورْد، وَهُوَ الْكُمَيْت. وَذَلِكَ يَتلون فِي فُصُول السّنة، فَيكون أصفر فِي فصل، وأحمر فِي فصل، وأغر فِي فصل. والدهان جمع الدّهن، وَهِي مُخْتَلفَة الألوان. فَمَعْنَى الْآيَة: أَن السَّمَاء يخْتَلف لَوْنهَا يَوْم الْقِيَامَة كاختلاف لون الْورْد، وَاخْتِلَاف لون الدّهن. وَقَالَ تَعَالَى فِي مَوضِع آخر ﴿يَوْم تكون السَّمَاء كَالْمهْلِ﴾ قَالُوا: هُوَ دردي الزَّيْت، أَي: فِي اللَّوْن.
وَقَالَ بَعضهم: يصير مثل الدّهن الْأَصْفَر، وَهَذَا كُله من فزع الْقِيَامَة وهولها.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَيَوْمئِذٍ لَا يسْأَل عَن ذَنبه إنس وَلَا جَان﴾ أَي: لَا يسْأَل سُؤال


الصفحة التالية
Icon