بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

﴿إِذا وَقعت الْوَاقِعَة (١) لَيْسَ لوقعتها كَاذِبَة (٢) خافضة رَافِعَة (٣) إِذا رجت﴾
تَفْسِير سُورَة الْوَاقِعَة
وَهِي مَكِّيَّة، وَعَن مَسْرُوق أَنه قَالَ: من أَرَادَ أَن يعلم نبأ الْأَوَّلين والآخرين، ونبأ أهل الْجنَّة وَأهل النَّار، ونبأ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، فليقرأ سُورَة الْوَاقِعَة. وَالله أعلم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِذا وَقعت الْوَاقِعَة﴾ مَعْنَاهُ: إِذا كَانَت الْقِيَامَة، وَهَذَا قَول عَامَّة الْمُفَسّرين. وَسميت الْقِيَامَة وَاقعَة؛ لِأَنَّهُ لَا بُد من وُقُوعهَا. وَالْعرب تسمي كل متوقع لَا بُد مِنْهُ وَاقعا، وَقَالَ الضَّحَّاك: الْوَاقِعَة هَاهُنَا هِيَ الصَّيْحَة لمَوْت الْخَلَائق. وَقيل: سميت الْقِيَامَة وَاقعَة؛ لِكَثْرَة مَا يَقع فِيهَا من الشدَّة. وَعَن بَعضهم: لِأَنَّهَا تقع على غَفلَة من النَّاس. فَإِن قيل: أَيْن جَوَاب قَوْله: ﴿إِذا﴾ ؟ وَلَا بُد لهَذِهِ الْكَلِمَة من جَوَاب، وَالْجَوَاب: أَن جَوَابه قَوْله: ﴿فأصحاب الميمنة﴾.
وَقَوله: ﴿لَيْسَ لوقعتها كَاذِبَة﴾ قَالَ قَتَادَة: لَيْسَ مثنوية وَلَا رد وَلَا رَجْعَة. وَيُقَال مَعْنَاهُ: هِيَ صدق وَلَا كذب فِيهَا. وَقيل: لَيْسَ لوقوعها من نفس كَاذِبَة، حُكيَ هَذَا عَن سُفْيَان، وَمَعْنَاهُ: لَيْسَ عِنْد وُقُوعهَا مكذب بهَا.
وَقَوله: ﴿خافضة رَافِعَة﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: تخْفض أَقْوَامًا، وترفع آخَرين، وَعنهُ فِي رِوَايَة أُخْرَى: تخْفض أَقْوَامًا ارتفعوا، وترفع أَقْوَامًا خفضوا فِي الدُّنْيَا. وَعَن السدى: ترفع أَقْوَامًا فِي الْجنَّة، وتخفض أَقْوَامًا فِي النَّار. وَمعنى هَذَا: تخْفض أهل الْمعْصِيَة بِإِيجَاب النَّار لَهُم، وترفع أهل الطَّاعَة بِإِيجَاب الْجنَّة لَهُم. قَالَ ابْن جريج: خافضة رَافِعَة بِالْحَسَنَاتِ والسيئات.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِذا رجت الأَرْض رجا﴾ قَالَ الْمبرد: الرجة حَرَكَة يسمع مِنْهَا صَوت،


الصفحة التالية
Icon