بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

﴿سبح لله مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم (١) لَهُ ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض يحيي وَيُمِيت وَهُوَ على كل شَيْء قدير (٢) هُوَ الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر﴾
تَفْسِير سُورَة الْحَدِيد
وَهِي مَكِّيَّة فِي قَول الْكَلْبِيّ وَجَمَاعَة. وَقَالَ بَعضهم: إِنَّهَا مَدَنِيَّة. وَعَن سعيد بن جُبَير أَنه قَالَ: اسْم الله الْأَعْظَم فِي سِتّ آيَات من أول سُورَة الْحَدِيد. وَعَن أبي التياح أَنه قَالَ: من أَرَادَ أَن يعرف كَيفَ وصف الْجَبَّار نَفسه فليقرأ سِتّ آيَات من أول سُورَة الْحَدِيد. وَالله أعلم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿سبح لله مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ أَي: صلي وَتعبد، وَيُقَال: نزه وَقدس. وَقد ذكر بَعضهم أَن تَسْبِيح الجمادات هُوَ أثر الصنع فِيهَا. وَالأَصَح أَنه التَّسْبِيح حَقِيقَة، وَهُوَ قَول أهل السّنة؛ لِأَنَّهُ لَو كَانَ المُرَاد مِنْهُ أثر الصنع لم يكن لقَوْله: ﴿وَلَكِن لَا تفقهون تسبيحهم﴾ معنى، لِأَن أثر الصنع يُعلمهُ ويفهمه كل وَاحِد.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم﴾ أَي: الْغَالِب الْحَكِيم فِي أمره.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَهُ ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض يحيي وَيُمِيت﴾ أَي: لَهُ الْملك فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض محييا ومميتا. قَالَ الزّجاج: يحيي من النُّطْفَة الْميتَة، وَيُمِيت الشَّخْص الْحَيّ.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَهُوَ على كل شَيْء قدير﴾ أَي: قَادر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿هُوَ الأول وَالْآخر﴾ أَي: الأول قبل كل شَيْء، وَالْآخر بعد كل شَيْء. وَقيل: الأول فَلَا أول لَهُ، وَالْآخر فَلَا آخر لَهُ، وَهُوَ فِي معنى الأول. وَقيل: الأول بِلَا ابْتِدَاء، وَالْآخر بِلَا انْتِهَاء.


الصفحة التالية
Icon