بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

﴿سبح لله مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم (١) يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كبر مقتا عِنْد الله أَن تَقولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣) إِن الله﴾
تَفْسِير سُورَة الصَّفّ
وَهِي مَدَنِيَّة
قَوْله تَعَالَى: ﴿سبح لله مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض﴾ قد بَينا معنى هَذِه الْآيَة. وَفِي بعض الْأَخْبَار: أَن أحب الْكَلَام إِلَى الله تَعَالَى سُبْحَانَ الله، ولحبه هَذِه الْكَلِمَة ألهمها أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم﴾ قد بَينا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: اجْتمع أَصْحَاب رَسُول الله وتذاكروا الْبَعْث وَأمر الْآخِرَة ثمَّ قَالُوا: لَو علمنَا مَا يُحِبهُ الله فَفَعَلْنَا وَلَو نبذل نفوسنا. وَفِي رِوَايَة: أَن عبد الله بن رَوَاحَة كَانَ يَقُول لمن يلقاه: تعال نؤمن سَاعَة، وَنَذْكُر الله تَعَالَى، وَيَقُول: وددت أَن لَو عرفت مَا يُحِبهُ الله فأفعله؛ فَلَمَّا فرض الله الْجِهَاد وَأمرهمْ ببذل النَّفس وَالْمَال، وَكتب عَلَيْهِم الْقِتَال أَحبُّوا الْحَيَاة وكرهوا الْقِتَال، فَأنْزل الله تَعَالَى قَوْله: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ وَعَن قَتَادَة: أَن أَصْحَاب رَسُول الله لما فروا يَوْم أحد إِلَّا نَفرا يَسِيرا مِنْهُم أنزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة. وَالْآيَة وَإِن كَانَت عَامَّة فَإِنَّهَا فِي بعض الصَّحَابَة دون الْبَعْض، فَإِن الله تَعَالَى قَالَ فِي مَوضِع آخر: ﴿من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا وَمَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمنهمْ من قضى نحبه وَمِنْهُم من ينْتَظر وَمَا بدلُوا تبديلا﴾ وَهَذَا دَلِيل ظَاهر على أَن الْآيَة فِي هَذِه السُّورَة لم ترد فِي حق جَمِيعهم على الْعُمُوم. وَفِي التَّفْسِير: أَن عبد الله بن رَوَاحَة قَالَ: لما نزلت آيَة الْجِهَاد حبست نَفسِي فِي سَبِيل الله، ثمَّ إِنَّه لما خرج إِلَى غَزْوَة مُؤْتَة، " وَكَانَ النَّبِي أَمر زيد بن حَارِثَة، فَإِن


الصفحة التالية
Icon