﴿ومن يدع مع الله﴾ أي: الملك الذي لا كفء له ﴿إلهاً آخر﴾ يعبده ﴿لا برهان له به﴾ أي: بسبب دعائه بذلك إذا اجتهد في إقامة برهان على ذلك لم يجد، ثم ذكر أنّ من قال ذلك فجزاؤه العقاب العظيم بقوله تعالى: ﴿فإنما حسابه﴾ أي: جزاؤه الذي لا يمكن زيادته ولا نقصه ﴿عند ربه﴾ أي: الذي رباه ولم يربه أحد سواه الذي هو أعلم بسريرته وعلانيته، فلا يخفى عليه شيء من أمره، ولما افتتح السورة بقوله: ﴿قد أفلح المؤمنون﴾ ختمها بقوله: ﴿إنه لا يفلح الكافرون﴾ أي: لا يسعدون، فشتان ما بين الفاتحة والخاتمة. ولما شرح الله تعالى أحوال الكفار في جهلهم في الدنيا وعذابهم في الآخرة أمر الله تعالى رسوله عليه الصلاة والسلام بالانقطاع إليه والالتجاء إلى غفرانه ورحمته بقوله تعالى:
﴿وقل رب﴾ أي: أيها المحسن إليّ ﴿اغفر وارحم﴾ أي: أكثر من هذين الوصفين ﴿وأنت خير الراحمين﴾ فمن رحمته أفلح بما توفقه له من امتثال ما أشرت إليه أول السورة، فكان من المؤمنين وكان من الوارثين الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون، فقد انطبق على الأول هذا الآخر بفوز كل مؤمن وخيبة كل كافر، فنسأل الله تعالى أن يكون لنا ولوالدينا ولأحبابنا أرحم راحم وخير غافر إنه المتولي للسرائر والمرجو لإصلاح الضمائر، وما رواه البيضاوي تبعاً للزمخشري من أنه ﷺ قال: «من قرأ سورة المؤمنون بشرته الملائكة بالروح والريحان، وما تقرّ به عينه عند نزول ملك الموت» حديث موضوع، وقوله أيضاً تبعاً للزمخشري: روي أن أول سورة قد أفلح وآخرها من كنوز العرش من عمل بثلاث آيات من أولها واتعظ بأربع آيات من آخرها فقد نجا وأفلح، قال شيخ شيخنا ابن حجر حافظ عصره: لم أجده.
سورة النور
مدنية
وهي ثنتان أو أربع وستون آية
﴿بسم الله﴾ الذي تمت كلمته فبهرت قدرته ﴿الرحمن﴾ الذي ظهرت الحقائق كلها بشمول رحمته ﴿الرحيم﴾ الذي شرف من اختاره بخدمته قوله تعالى:
(٦/٦٩)