﴿هاأنتم﴾ وحقر أمرهم بقوله تعالى: ﴿هؤلاء﴾ أي: أنتم يا مخاطبون هؤلاء الموصوفون، وقوله تعالى ﴿تدعون لتنفقوا في سبيل الله﴾ أي: الملك الأعظم الذي يرجى خيره ولا يخشى غيره استئناف مقرّر لذلك أو صلة لهؤلاء على أنه بمعنى الذين وهو يعم نفقة الغزو والزكاة وغيرها ﴿فمنكم من يبخل﴾ أي: ناس يبخلون، وحذف القسم الآخر وهو ومنكم من يجود، لأنّ المراد الاستدلال على ما قبله من البخل ولما كان بخله عمن أعطاه المال بجزء يسير منه إنما طلبه لينفع المطلوب منه فقط زاد العجب بقوله تعالى: ﴿ومن﴾ أي: والحال أنه من ﴿يبحل﴾ بذلك ﴿فإنما يبخل﴾ بماله بخلا ضارّاً ﴿عن نفسه﴾ فإن نفع الإنفاق وضر البخل عائدان إليه والبخل يعدى بعن وعلى لتضمنه معنى الإمساك والتعدّي فإنه إمساك عمن يستحق ﴿والله﴾ أي: الملك الأعظم الذي له الإحاطة بجميع صفات الكمال ﴿الغني﴾ وحده عن نفقتكم ﴿وأنتم﴾ أيها المكلفون خاصة ﴿الفقراء﴾ لاحتياجكم في جميع أحوالكم إليه ﴿وإن تتولوا﴾ عطف على ﴿وإن تؤمنوا وتتقوا﴾ ﴿يستبدل قوماً غيركم﴾ أي: يخلق قوماً سواكم على خلاف صفتكم راغبين في الإيمان والتقوى ﴿ثم لا يكونوا أمثالكم﴾ في التولي عنه والزهد في الإيمان كقوله تعالى ﴿ويأت بخلق جديد﴾ قيل: هم الملائكة. وقيل الأنصار وعن ابن عباس: كندة والنخع وعن الحسن: العجم وعن عكرمة: فارس والروم «وسئل رسول الله ﷺ عن القوم وكان سلمان إلى جنبه فضرب على فخذه وقال: هذا وقومه والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطاً بالثريا لتناوله رجال من فارس» رواه الترمذي والحاكم وصححاه وما رواه البيضاويّ تبعاً للزمخشري من أنه ﷺ قال: «من قرأ سورة محمد كان حقاً على الله تعالى أن يسقيه من أنهار الجنة» حديث موضوع.
سورة الفتح
مكية وهي تسع وعشرون آية وخمسمائة وستون كلمةوألفان وأربعمائة وثمانية وثلاثون حرفا
(١١/٨١)