وقوله تعالى: ﴿خاشعة﴾ حال إما من فاعل يوفضون وهو أقرب، أو من فاعل يخرجون وفيه بعد منه، وفيه تعدد الحال لذي حال واحدة وفيه الخلاف المشهور. وقوله تعالى: ﴿أبصارهم﴾ فاعل، والمعنى ذليلة خاضعة لا يرفعونها لما يتوقعونه من عذاب الله تعالى ﴿ترهقهم﴾ أي: تغشاهم فتعمهم وتحمل عليهم، فتكلفهم كل عسر وضيق على وجه الإسراع عليهم ﴿ذلة﴾ أي: ضد ما كانوا عليه في الدنيا؛ لأن من تعزز في الدنيا على الحق ذل في الآخرة، ومن ذل للحق في الدنيا عز في الآخرة.
﴿ذلك﴾ أي: الأمر الذي هو في غاية ما يكون من علوّ الرتبة في العظمة ﴿اليوم الذي كانوا يوعدون﴾ أي: يوعدون في الدنيا أنّ لهم فيه العذاب، وأخرج الخبر بلفظ الماضي؛ لأنّ ما وعد الله تعالى به فهو حق كائن لا محالة، وهذا هو العذاب الذي سألوا عنه أوّل السورة، فقد رجع آخرها على أوّلها.
وما قاله البيضاويّ تبعاً للزمخشري من أنه ﷺ قال: «من قرأ سورة سأل سائل أعطاه الله تعالى ثواب الذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون». حديث موضوع.
سورة نوح
عليه السلام مكية
وهي سبع وعشرون آية، ومائتان وأربعوعشرون كلمة، وتسعمائة وتسعة وعشرون حرفاً
﴿بسم الله﴾ ذي الجلال والإكرام ﴿الرحمن﴾ الذي عمّ بما أفاضه من ظاهر الإنعام ﴿الرحيم﴾ الذي حفظ أولياءه من الابتداء إلى الختام.
ولما ختمت سأل بالإنذار للكفار وكانوا عباد أوثان بعذاب الدنيا والآخرة أتبعها أعظم عذاب كان في الدنيا على تكذيب الرسل بقصة نوح عليه السلام فقال تعالى:
(١٣/١٥٠)


الصفحة التالية
Icon