رابعها: كأنه أشار إلى تخفيف جنايتهم، أي: لستم أوّل من جنى وتاب، والمعصية إذا عمت خفت.
خامسها: كأنه نظير ما يقال لقد أحسن الله إليك فيما مضى، كذلك يحسن إليك فيما بقي. وأجيب: عن الثاني بوجهين: أحدهما لعله خص هذه الأمة بزيادة الشرف لأنه لا يقال في صفات العبد: غفار، ويقال: تواب إذا كان آتياً بالتوبة فيقول تعالى: كنت لي سمياً من أوّل الأمر أنت مؤمن وأنا مؤمن، وإن كان المعنى: مختلفاً فتب حتى تصير سمياً في آخر الأمر، وأنت تواب وأنا تواب ثم التوّاب في حق الله تعالى إنه يقبل التوبة كثيراً. فيجب على العبد أن يكون إتيانه بالتوبة كثيراً. وثانيهما: أنه تعالى إنما قال تواباً لأنّ القائل قد يقول استغفر الله وليس بتائب كقوله عليه الصلاة والسلام: «المستغفر بلسانه المصر بقلبه كالمستهزئ بربه».
فإن قيل: قد يقول أتوب وليس بتائب؟ أجيب: بأن ذا يكون كاذباً لأنّ التوبة اسم للرجوع والندم، بخلاف الاستغفار فإنه لا يكون كاذباً فيه فصار تقدير الكلام: واستغفره بالتوبة، وفيه تنبيه على أنّ خواتيم الأعمال يجب أن تكون بالتوبة والاستغفار فكذا خواتيم الأعمار. وأجيب عن الثالث: بأنه تعالى راعى العدل فذكر اسم الذات مرّتين، وذكر اسم الفعل مرّتين أحدهما الرب، والثاني التوّاب. ولما كانت التربية تحصل أولاّ والتوبة آخراً، لا جرم ذكر اسم الرب أولاً واسم التوبة آخراً فنسأل الله تعالى من فضله وكرمة أن يمنّ علينا بتوبة نصوح لا ننكث بعدها أبداً، فإنه كريم رحيم.
وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري عن النبيّ ﷺ «من قرأ سورة ﴿إذا نصر الله﴾ «أعطي من الأجر كمن شهد مع محمد يوم فتح مكة» حديث موضوع.
سورة تبت مكية
وهي خمس آيات وثلاث وعشرون كلمة وسبعة وسبعون حرفاً
﴿بسم الله﴾ المتكبر الجبار المضل الهاد ﴿الرحمن﴾ الذي عمّ خلقه بنعمه بعد الإكرام بالإيجاد ﴿الرحيم﴾ الذي خص بتوفيقه أهل الوداد
(١٤/١٠٦)