بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

﴿هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية (١) وُجُوه يَوْمئِذٍ خاشعة (٢) عاملة ناصبة (٣) تصلى نَارا حامية (٤) ﴾.
تَفْسِير سُورَة الغاشية
وَهِي مَكِّيَّة بِالْإِجْمَاع
قَوْله تَعَالَى: ﴿هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية﴾ أَي: الْقِيَامَة، وَسميت غاشية؛ لِأَنَّهَا تغشى كل شَيْء بالأهوال، وَيُقَال: تغشى كل كَافِر وَفَاجِر بِالْعَذَابِ، والغاشية هِيَ المجللة، وَمعنى هَل أَتَاك: قد أَتَاك.
وَقَوله: ﴿وُجُوه يَوْمئِذٍ خاشعة﴾ أَي: ذليلة لما ترى من سوء الْعَاقِبَة، وَالْمعْنَى: ركبهَا الذل.
وَقَوله: ﴿عاملة ناصبة﴾ أَي: عملت فِي الدُّنْيَا لغير الله، فَنصبت وتعبت فِي الْآخِرَة بِعَذَاب الله.
وَعَن السّديّ وَجَمَاعَة: أَنهم الرهبان وَأَصْحَاب الصوامع من النَّصَارَى وَالْيَهُود.
وَقد روى عَن عمر أَنه لما قدم الشَّام فَمر بصومعة رَاهِب فناداه فَاطلع عَلَيْهِ، وَقد تنْحَل من الْجُوع والضر وَالْعِبَادَة، وَعَلِيهِ برنس، فَبكى عمر - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالُوا: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَمَا يبكيك؟ ! فَقَالَ: مِسْكين طلب أمرا، وَلم يصل إِلَيْهِ، وسلك طَرِيقا وأخطأه، ثمَّ قَرَأَ قَوْله: ﴿عاملة ناصبة﴾ الْآيَة.
وَقَوله: ﴿تصلى نَارا حامية﴾ أَي: تقاسي حرهَا.
وَقَوله: ﴿تسقى من عين آنِية﴾ أَي: انْتَهَت فِي الْحر.
قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: أوقدت عَلَيْهَا جَهَنَّم مُنْذُ خلقت، فدفعوا إِلَيْهَا وردا، أَي: عطاشا.


الصفحة التالية
Icon