﴿فَتَركه صَلدًا لَا يقدرُونَ على شَيْء مِمَّا كسبوا وَالله لَا يهدي الْقَوْم الْكَافرين (٢٦٤) وَمثل الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم ابْتِغَاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم كَمثل جنَّة﴾
وَقَوله: ﴿فَمثله كَمثل صَفْوَان عَلَيْهِ تُرَاب﴾ الصفوان: الْحجر الصلد الأملس.
وَقَوله: ﴿فَأَصَابَهُ وابل﴾ الوابل: الْمَطَر الشَّديد الْعِظَام الْقطر.
وَقَوله: ﴿فَتَركه صَلدًا﴾ أَي: أملس ﴿لَا يقدرُونَ على شَيْء مِمَّا كسبوا﴾ وَمعنى هَذَا الْمثل: أَن الَّذِي يرائي بِالْإِنْفَاقِ يفرق نَفَقَته، وَلَا يفوز بِشَيْء من الثَّوَاب، كالتراب الَّذِي يكون على الْحجر فَيُصِيبهُ الوابل؛ فَيفوت الَّذِي عَلَيْهِ، وَيبقى أملس، بِحَيْثُ لَا يقدر على شَيْء مِنْهُ.
وَقَوله: ﴿وَالله لَا يهدي الْقَوْم الْكَافرين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمثل الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم ابْتِغَاء مرضات الله﴾ أَي: خَالِصا لوجه الله.
وَقَوله: ﴿وتثبيتا من أنفسهم﴾ قَالَ قَتَادَة: هُوَ أَن يكون محتسبا بِالْإِنْفَاقِ.
وَقَالَ الْحسن: هُوَ أَن يثبت من نَفسه حَتَّى إِن كَانَت نِيَّته أَن يتَصَدَّق لله يفعل، وَإِن كَانَت نِيَّته غَيره يمسك، وَقَالَ الْكَلْبِيّ، وَالشعْبِيّ: هُوَ أَن يتَصَدَّق على يَقِين بالثواب، وتصديق بوعد الله فِيهِ.
وَقَوله: ﴿كَمثل جنَّة بِرَبْوَةٍ﴾ الْجنَّة: الْبُسْتَان. والربوة: الْمَكَان الْمُرْتَفع.
وَقَوله: ﴿أَصَابَهَا وابل﴾ كَمَا ذكرنَا. وَقَوله: ﴿فآتت أكلهَا ضعفين﴾ أَي: ثَمَرهَا ضعف مَا تُؤْتى غَيرهَا. قَوْله: ﴿فَإِن لم يصبهَا وابل فطل﴾ الطل: الْمَطَر الْخَفِيف الصغار الْقطر، وَيكون دَائِما.
وَمعنى هَذَا الْمثل: أَن الَّذِي ينْفق خَالِصا لوجه الله تَعَالَى لَا تخلف نَفَقَته، بل تنمو وتزكو بِكُل حَال: كَمَا أَن الْجنَّة الَّتِي على الربوة لَا تخلف، بل تنمو وتزكوا بِكُل حَال سَوَاء أَصَابَهَا الوابل، أَو أَصَابَهَا الطل؛ وَذَلِكَ أَن الطل إِذا كَانَ يَدُوم يعْمل عمل