بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

﴿القارعة (١) مَا القارعة (٢) وَمَا أَدْرَاك مَا القارعة (٣) يَوْم يكون النَّاس كالفراش المبثوث (٤) وَتَكون الْجبَال كالعهن المنفوش (٥) فَأَما من ثقلت﴾
تَفْسِير سُورَة القارعة
وَهِي مَكِّيَّة
قَوْله تَعَالَى: ﴿القارعة مَا القارعة﴾ هِيَ الْقِيَامَة، سميت قَارِعَة؛ لِأَنَّهَا تقرع الْقُلُوب بالهول والشدة.
وَقَوله: ﴿مَا القارعة﴾ مَذْكُور على وَجه التَّعْظِيم والتهويل، وَكَذَلِكَ ﴿وَمَا أَدْرَاك مَا القارعة﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَوْم يكون النَّاس كالفراش المبثوث﴾ الْفراش هُوَ صغَار الْحَيَوَان من البق والبعوض وَالْجَرَاد وَمَا يجْتَمع عِنْد ضوء السراج، والمبثوث سَمَّاهُ مبثوثا؛ لِأَنَّهُ يركب بعضه بَعْضًا، وَقيل: يمرج بعضه فِي بعض، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿كَأَنَّهُمْ جَراد منتشر﴾ وَشبه النَّاس عِنْد الْحَشْر بِهِ؛ لِأَنَّهُ يمرج بَعضهم فِي بعض.
وَقَوله: ﴿وَتَكون الْجبَال كالعهن﴾ أَي: الصُّوف الَّذِي يدف، والعهن هُوَ الصُّوف الْمَصْبُوغ، وَهُوَ أرْخى مَا يكون من الصُّوف، وَذكر هَذَا على معنى أَن الْجبَال من هول يَوْم الْقِيَامَة مَعَ صلابتها وقوتها تصير كالعهن المنفوش.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَأَما من ثقلت مَوَازِينه فَهُوَ فِي عيشة راضية﴾.
قَالَ الْفراء والزجاج: أَي ذَات رضَا.
وَقيل: مرضية.
وَقَوله: ﴿وَأما من خفت مَوَازِينه﴾ فِي بعض التفاسير: أَن لكل إِنْسَان ميزانا على حِدة لعمله من الْخَيْر وَالشَّر.
وَقَوله: ﴿فأمه هاوية﴾ أَي مرجعه إِلَى الهاوية، وسماها أمه؛ لِأَن الْإِنْسَان يأوي إِلَى


الصفحة التالية
Icon