سورة المعارج
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا) ويفسره ما بعده والإنسان في حال خلقه ما كان موصوفاً بهذه الصفات؟
قلنا: هلوعاً حال مقدرة، فالمعنى مقدراً فيه الهلع كما في قوله تعالى: (مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) وهم ليسوا محلقين حال الدخول.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى أولا: (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ) ثم قال تعالى ثانياً: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) فهل بينهما فرق؟
قلنا: المراد بالدوام المواظبة عليها والملازمة أبداً، وقيل: المراد به سكونهم فيها بحيث لا يلتفتون يميناً ولا شمالا، واختاره الزجاج وقال: إشتقاقه من الدائم بمعنى الساكن، كما جاء في الحديث: أنه ﷺ نهى عن البتول في الماء الدائم، قلت: وقوله " على " ينفى هذا المعنى، فإنه لا يقال هو على صلاته ساكن، بل يقال: هو في صلاته ساكن، والمراد بالمحافظة عليها أدؤها على
أكمل وجوهها جامعة لجملة سننها وأدبها، فالدوام يرجع إلى نفس الصلاة والمحافظة إلى أحوالها.