تذكرة الله إياهم بهذا القرآن معرضين، لا يستمعون لها فيتعظوا ويعتبروا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) أي: عن هذا القرآن.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (٥٢) كَلا بَلْ لا يَخَافُونَ الآخِرَةَ (٥٣) ﴾.
يقول تعالى ذكره: فما لهؤلاء المشركين بالله عن التذكرة معرِضين، مولِّين عنها تولية الحُمُر المستنفرة (فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ).
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (مُسْتَنْفِرَةٌ)، فقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة بكسر الفاء، وفي قراءة بعض المكيين أيضا بمعنى نافرة (١).
والصواب من القول في ذلك عندنا، أنهما قراءتان معروفتان، صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وكان الفرّاء يقول: الفتح والكسر في ذلك كثيران في كلام العرب؛ وأنشد:

أمْسِكْ حِمَارَكَ إنَّهُ مُسْتَنْفِرٌ فِي إثْرِ أحْمِرَةٍ عَمَدْن لِغُرَّب (٢)
وقوله: (فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) اختلف أهل التأويل في معنى القسورة، فقال بعضهم: هم الرماة.
(١) في المطبوعة: "في افتتاح... " والضمير في "فبه" عائد إلى "ما أدبه به".
(٢) في المطبوعة: "من إظهار"، "من دلالة شاهدة".


الصفحة التالية
Icon