فاله عن حزنك لنفسك وإن هم كذبوك وأنت صادق، وليشغلك عن ذلك ما هو أهمّ وهو استعظامك بجحود آيات الله تعالى والاستهانة بكتابه. ونحوه قول السيد لغلامه إذا أهانه بعض الناس إنهم لم يهينوك وإنما أهانوني. وفي هذه الطريقة قوله تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ ﴾ ( الفتح : ١٠ ) وقيل : فإنهم لا يكذبونك بقلوبهم، ولكنهم يجحدون بألسنتهم. وقيل : فإنهم لا يكذبونك لأنك عندهم الصادق الموسوم بالصدق، ولكنهم يجحدون بآيات الله. وعن ابن عباس رضي الله عنه : كان رسول الله ﷺ يسمى الأمين فعرفوا أنه لا يكذب في شيء، ولكنهم كانوا يجحدون. وكان أبو جهل يقول : ما نكذبك لأنك عندنا صادق، وإنما نكذب ما جئتنا به. وروي :
( ٣٧٤ ) أنّ الأخنس بن شريق قال لأبي جهل : يا أبا الحكم، أخبرني عن محمد، أصادق هو أم كاذب، فإنه ليس عندنا أحد غيرنا ؟ فقال له : والله إن محمداً لصادق وما كذب قط، ولكن إذا ذهب بنو قصيّ باللواء والسقاية والحجابة والنبوّة، فماذا يكون لسائر قريش، فنزلت، وقوله :﴿ وَلَاكِنَّ الظَّالِمِينَ ﴾ من إقامة الظاهر مقام المضمر، للدلالة على أنهم ظلموا في جحودهم.
! ٧ < ﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ ﴾ > ٧ !
﴿ < < الأنعام :( ٣٤ ) ولقد كذبت رسل..... > > وَلَقَدْ كُذّبَتْ ﴾ تسلية لرسول الله ﷺ وهذا دليل على أن قوله :﴿ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذّبُونَكَ ﴾ ( الأنعام : ٣٣ ) ليس بنفي لتكذيبه، وإنما هو من قولك لغلامك : ما أهانوك