في جيش العسرة ﴿ وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا ﴾ أي أرضاً في ذهابهم ومجيئهم، والوادي كل منفرج بين جبال وآكام يكون منفذاً للسيل، وهو في الأصل ( فاعل ) من ودى إذا سال. ومنه الودى. وقد شاع في استعمال العرب بمعنى الأرض. يقولون : لا تصلّ في وادي غيرك ﴿ إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ ﴾ ذلك من الإنفاق وقطع الوادي : ويجوز أن يرجع الضمير فيه إلى عمل صالح وقوله :﴿ لِيَجْزِيَهُمُ ﴾ متعلق بكتب أي أثبت في صحائفهم لأجل الجزاء.
! ٧ < ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ > ٧ !
< < التوبة :( ١٢٢ ) وما كان المؤمنون..... > > اللام لتأكيد النفي. ومعناه أن نفير الكافة عن أوطانهم لطلب العلم غير صحيح ولا ممكن. وفيه أنه لو صحّ وأمكن، ولم يؤدّ إلى مفسدة لوجب التفقه على الكافة، ولأنّ طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ﴿ فَلَوْلاَ نَفَرَ ﴾ فحين لم يمكن نفير الكافة ولم يكن مصلحة فهلا نفر ﴿ مِن كُلّ فِرْقَةٍ مّنْهُمْ طَائِفَةٌ ﴾ أي من كل جماعة كثيرة جماعة قليلة منهم يكفونهم النفير ﴿ لّيَتَفَقَّهُواْ فِى الدّينِ ﴾ ليتكلفوا الفقاهة فيه، ويتجشموا المشاق في أخذها وتحصيلها ﴿ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ ﴾ وليجعلوا غرضهم ومرمى همتهم في التفقه : إنذار قومهم وإرشادهم والنصيحة لهم، لا ما ينتحيه الفقهاء من الأغراض الخسيسة ويؤمّونها من المقاصد الركيكة، ومن التصدّر والترؤس والتبسط في البلاد، والتشبه بالظلمة في ملابسهم ومراكبهم ومنافسة بعضهم بعضاً، وفشوّ داء الضرائر بينهم وانقلاب حماليق أحدهم إذا لمح ببصره مدرسة لآخر، أو شرذمة جثوا بين يديه، وتهالكه على أن يكون موطأ العقب دون الناس كلهم، فما أبعد هؤلاء من قوله عزّ وجلّ :﴿ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى الاْرْضِ وَلاَ فَسَاداً ﴾ ( القصص : ٨٣ ). ﴿ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ إرادة أن يحذروا الله فيعملوا عملاً صالحاً.