ووجه آخر : وهو أنّ رسول الله ﷺ كان إذا بعث بعثاً بعد غزوة تبوك وبعد ما أنزل في المتخلفين من الآيات الشداد استبق المؤمنون عن آخرهم إلى النفير وانقطعوا جميعاً عن استماع الوحي والتفقه في الدين، فأمروا أن ينفر من كل فرقة منهم طائفة إلى الجهاد ويبقى أعقابهم يتفقهون، حتى لا ينقطعوا عن التفقه الذي هو الجهاد الأكبر، لأنّ الجدال بالحجّة أعظم أثراً من الجلاد بالسيف. وقوله :﴿ لّيَتَفَقَّهُواْ ﴾ الضمير فيه للفرق الباقية بعد الطواف، النافرة من بينهم ﴿ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ ﴾ ولينذر الفرق الباقية قومهم النافرين إذا رجعوا إليهم بما حصلوا في أيام غيبتهم من العلوم وعلى الأوّل الضمير للطائفة النافرة إلى المدينة للتفقه.
! ٧ < ﴿ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ > ٧ !
< < التوبة :( ١٢٣ ) يا أيها الذين..... > > ﴿يَلُونَكُمْ ﴾ يقربون منكم، والقتال واجب مع كافة الكفرة قريبهم وبعيدهم، ولكن الأقرب فالأقرب أوجب. ونظيره ﴿ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاْقْرَبِينَ ﴾ ( الشعراء : ٢١٤ ) وقد حارب رسول الله ﷺ قومه، ثم غيرهم من عرب الحجاز، ثم غزا الشام. وقيل : هم قريظة والنضير وفدك وخيبر. وقيل : الروم، لأنهم كانوا يسكنون الشأم والشأم أقرب إلى المدينة من العراق وغيره، وهكذا المفروض على أهل كل ناحية أن يقاتلوا من وليهم، ما لم يضطر إليهم أهل ناحية أخرى. وعن ابن عمر رضي الله عنه أنه سئل عن قتال الديلم ؟ فقال : عليك بالروم. وقرىء :( غلظة ) بالحركات الثلاث، فالغلظة كالشدّة، والغلظة كالضغطة، والغلظة كالسخطة ونحوه ﴿ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴾ ( التوبة : ٧٣ ) ﴿ وَلاَ تَهِنُواْ ﴾ ( آل عمران : ١٣٩ ) وهو يجمع الجرأة والصبر على القتال وشدّة العداوة والعنف في القتل والأسر، ومنه ﴿ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ اللَّهِ ﴾ ( النور : ٢ ). ﴿ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ ينصر من اتقاه فلم يترأف على عدّوه.
! ٧ < ﴿ وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَاذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ ءامَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ > ٧ !
< < التوبة :( ١٢٤ ) وإذا ما أنزلت..... > > ﴿فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ﴾ فمن المنافقين من يقول بعضهم لبعض ﴿ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَاذِهِ ﴾