سبيل التهكم بصلاته، وأرادوا أنّ هذا الذي تأمر به من ترك عبادة الأوثان باطل لا وجه لصحته، وأنّ مثله لا يدعوك إليه داعي عقل، ولا يأمرك به آمر فطنة، فلم يبق إلا أن يأمرك به آمر هذيان ووسوسة شيطان، وهو صلواتك التي تداوم عليها في ليلك ونهارك، وعندهم أنها من باب الجنون ومما يتولع به المجانين والموسوسون من بعض الأقوال والأفعال. ومعنى تأمرك ﴿ أَن نَّتْرُكَ ﴾ تأمرك بتكليف أن نترك ﴿ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَا ﴾ لحذف المضاف الذي هو التكليف، لأنّ الإنسان لا يؤمر بفعل غيره. وقرىء ﴿ * أصلاتك ﴾ بالتوحيد. وقرأ ابن أبي عبلة ( أو أن تفعل في أموالنا ما تشاء ) بتاء الخطاب فيهما، وهو ما كان يأمرهم به من ترك التطفيف والبخس، والاقتناع بالحلال القليل من الحرام الكثير. وقيل : كان ينهاهم عن حذف الدراهم والدنانير وتقطيمها، وأرادوا بقولهم :﴿ نَشَؤُا إِنَّكَ لاَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ﴾ نسبته إلى غاية السفه والغيّ، فعكسوا ليتهكموا به، كما يتهكم بالشحيح الذي لا يبضّ حجره، فيقال له : لو أبصرك حاتم لسجد لك. وقيل : معناه إنك للمتواصف بالحلم والرشد في قومك، يعنون أنّ ما تأمر به لا يطابق حالك وما شهرت به.
! ٧ < ﴿ قَالَ ياقَوْمِ أَرَءَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّى وَرَزَقَنِى مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِى إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ > ٧ !
< < هود :( ٨٨ ) قال يا قوم..... > > ﴿وَرَزَقَنِى مِنْهُ ﴾ أي من لدنه ﴿ رِزْقًا حَسَنًا ﴾ وهو ما رزقه من النبوّة والحكمة. وقيل ﴿ رِزْقًا حَسَنًا ﴾ حلالاً طيباً من غير بخس ولا تطفيف. فإن قلت : أي جواب ﴿ أَرَءيْتُمْ ﴾ وما له لم يثبت كما أثبت في قصة نوح ولوط ؟ قلت : جوابه محذوف، وإنما لم يثبت لأنّ إثباته في القصتين دلّ على مكانه، ومعنى الكلام ينادي عليه. والمعنى : أخبروني إن كنت على حجة واضحة ويقين من ربي وكنت نبياً على الحقيقة، أيصح لي أن لا آمركم بترك عبادة