﴿ اللَّهُ ﴾ مبتدأ، و ﴿ الَّذِى خَلَقَ ﴾ خبره، و ﴿ مِنَ الثَّمَراتِ ﴾ بيان للرزق، أي : أخرج به رزقاً هو ثمرات. ويجوز أن يكون ﴿ مِنَ الثَّمَراتِ ﴾ مفعول أخرج، و ﴿ رِزْقاً ﴾ حالاً من المفعول، أو نصباً على المصدر من أخرج، لأنه في معنى رزق ﴿ بِأَمْرِهِ ﴾ بقوله كن ﴿ دَائِبَينَ ﴾ يدأبان في سيرهما وإنارتهما ودرئهما الظلمات، وإصلاحهما ما يصلحان من الأرض والأبدان والنبات ﴿ وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ﴾ يتعاقبان خلفة لمعاشكم وسباتكم ﴿ وَاتَاكُم مّن كُلّ * مّمَّا * سَأَلْتُمُوهُ ﴾ من للتبعيض، أي آتاكم بعض جميع ما سألتموه، نظراً في مصالحكم. وقرىء :( من كلّ ) بالتنوين، وما سألتموه نفي ومحله النصب على الحال أي : آتاكم من جميع ذلك غير سائليه، ويجوز أن تكون ﴿ مَا ﴾ موصولة، على : وآتاكم من كل ذلك ما احتجتم إليه ولم تصلح أَحوالكم ومعايشكم إلا به، فكأنكم سألتموه أو طلبتموه بلسان الحال ﴿ لاَ تُحْصُوهَا ﴾ لا تحصروها ولا تطيقوا عدها وبلوغ آخرها، هذا إذا أرادوا أن يعدوها على الإجمال. وأمّا التفصيل فلا يقدر عليه ولا يعلمه إلا الله ﴿ لَظَلُومٌ ﴾ يظلم النعمة بإغفال شكرها ﴿ كَفَّارٌ ﴾ شديد الكفران لها. وقيل ظلوم في الشدّة يشكو ويجزع، كفار في النعمة يجمع ويمنع. والإنسان للجنس، فيتناول الإخبار بالظلم والكفران من يوجدان منه.
! ٧ < ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَاذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ الاٌّ صْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنِّى وَمَنْ عَصَانِى فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ > ٧ !
< < إبراهيم :( ٣٥ - ٣٦ ) وإذ قال إبراهيم..... > > ﴿ هَاذَا الْبَلَدَ ﴾ يعني البلد الحرام، زاده الله أمناً، وكفاه كل باغ وظالم، وأجاب فيه دعوة خليله إبراهيم عليه السلام ﴿ مِنَ ﴾ ذا أمن. فإن قلت : أي فرق بين قوله :﴿ اجْعَلْ هَاذَا بَلَدًا آمِنًا ﴾ ( البقرة : ١٢٦ ) وبين قوله :﴿ اجْعَلْ هَاذَا الْبَلَدَ امِنًا ﴾ ؟ قلت : قد سأل في الأوّل أن يجعله من جملة البلاد التي يأمن أهلها ولا يخافون، وفي الثاني أن يخرجه من صفة كان عليها من الخوف إلى ضدها من الأمن، كأنه قال : هو بلد مخوف، فاجعله آمناً ﴿ وَاجْنُبْنِى ﴾ وقرىء :( وأجنبني )، وفيه ثلاث لغات : جنبه الشر، وجنبه، وأجنبه ؛ فأهل الحجاز يقولون : جنبني شره بالتشديد، وأهل نجد جنبني وأجنبني، والمعنى : ثبتنا وأدمنا على اجتناب عبادتها ﴿ وَبَنِىَّ ﴾ أراد بنيه من صلبه وسئل ابن عيينة : كيف عبدت العرب الأصنام ؟ فقال : ما عبد أحد من ولد إسماعيل صنماً، واحتج بقوله :( واجنبني وبني ) ﴿ أَن نَّعْبُدَ الاْصْنَامَ ﴾ إنما كانت أنصاب حجارة لكل قوم، قالوا : البيت حجر، فحيثما نصبنا حجراً فهو بمنزلة البيت، فكانوا يدورون بذلك الحجر ويسمونه الدوار، فاستحب أن يقال :