عطاء : يستثنى على مقدار حلب ناقة غزيرة. وعند عامة الفقهاء أنه لا أثر له في الأحكام ما لم يكن موصولاً. ويحكى أنه بلغ المنصور أن أبا حنيفة خالف ابن عباس رضي الله عنه في الاستثناء المنفصل، فاستحضره لينكر عليه : فقال أبو حنيفة : هذا يرجع عليك، إنك تأخذ البيعة بالإيمان، أفترضى أن يخرجوا من عندك فيستثنوا فيخرجوا عليك ؟ فاستحسن كلامه ورضي عنه. ويجوز أن يكون المعنى : واذكر ربك بالتسبيح والاستغفار إذا نسيت كلمة الاستثناء، تشديداً في البعث على الاهتمام بها. وقيل : واذكر ربك إذا تركت بعض ما أمرك به. وقيل : واذكره إذا اعتراك النسيان ليذكرك المنسي، وقد حمل على أداء الصلاة المنسية عند ذكرها. و ﴿ هَاذَا ﴾ إشارة إلى نبإ أصحاب الكهف. ومعناه : لعل الله يؤتيني من البينات والحجج على أني نبيّ صادق ما هو أعظم في الدلالة وأقرب رشداً من نبأ أصحاب الكهف، وقد فعل ذلك حيث آتاه من قصص الأنبياء والإخبار بالغيوب ما هو أعظم من ذلك وأدلّ، والظاهر أن يكون المعنى : إذا نسيت شيئاً فاذكر ربك. وذكر ربك عند نسيانه أن تقول : عسى ربي أن يهديني لشيء آخر بدل هذا المنسي أقرب منه ﴿ رَشَدًا ﴾ وأدنى خيراً ومنفعة. ولعل النسيان كان خيرة، كقوله ﴿ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا ﴾ ( البقرة : ١٠٦ ).
! ٧ < ﴿ وَلَبِثُواْ فِى كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُواْ تِسْعًا * قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِىٍّ وَلاَ يُشْرِكُ فِى حُكْمِهِ أَحَدًا ﴾ > ٧ !
< < الكهف :( ٢٥ - ٢٦ ) ولبثوا في كهفهم..... > > ﴿ وَلَبِثُواْ فِى كَهْفِهِمْ * بِضْعَ سِنِينَ ﴾ يريد لبثهم فيه أحياء مضروباً على آذانهم هذه المدّة، وهو بيان لما أجمل في قوله ﴿ فَضَرَبْنَا عَلَىءاذَانِهِمْ فِى الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ﴾ ومعنى قوله :﴿ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ ﴾ أنه أعلم من الذين اختلفوا فيهم بمدّة لبثهم، والحق ما أخبرك الله به. وعن قتادة : أنه حكاية لكلام أهل الكتاب. و ﴿ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ ﴾ رد عليهم. وقال في حرف عبد الله : وقالوا لبثوا. وسنين : عطف بيان لثلثمائة. وقرىء ( ثلثمائة سنين )، بالإضافة، على وضع الجمع موضع الواحد في التمييز، كقوله ﴿ بِالاْخْسَرِينَ أَعْمَالاً ﴾ ( الكهف : ١٠٣ ) وفي قراءة أبيّ ( ثلثمائة سنة ) ﴿ تِسْعًا ﴾ تسع سنين ؛ لأن ما قبله يدل عليه. وقرأ الحسن ( تسعاً ) بالفتح، ثم ذكر اختصاصه بما غاب في السموات والأرض وخفي فيها من أحوال أهلها ومن غيرها وأنه هو وحده العالم به، وجاء بما دل على التعجب من إدراكه المسموعات والمبصرات، للدلالة على أن أمره في الإدراك خارج عن