بإتيانها مع تعمية وقتها من اللطف لما أخبرت به. وقيل : معناه أكاد أخفيها من نفسي، ولا دليل في الكلام على هذا المحذوف، ومحذوف لا دليل عليه مطرح. والذي غرهم منه أن في مصحف أبي : أكاد أخفيها من نفسي. وفي بعض المصاحف : أكاد أخفيها من نفسي فكيف أظهركم عليها وعن أبي الدرداء وسعيد بن جبير ( أخفيها ) بالفتح، من خفاه إذا أظهره، أي : قرب إظهارها كقوله تعالى :﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ﴾ ( القمر : ١ ) وقد جاء في بعض اللغات : أخفاه بمعنى خفاه. وبه فسر بيت امرىء القيس :% ( فَإنْ تَدْفِنُوا الدَّاءَ لاَنْخفِه % وَإنْ تَبْعَثُوا الْحَرْبَ لا نَقْعُدِ ) %
فأكاد أخفيها محتمل للمعنيين ﴿ لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ﴾ متعلق بآية ﴿ بِمَا تَسْعَى ﴾ بسعيها.
! ٧ < ﴿ فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ﴾ > ٧ !
< < طه :( ١٦ ) فلا يصدنك عنها..... > > أي : لا يصدنك عن تصديقها والضمير للقيامة، ويجوز أن يكون للصلاة. فإن قلت : العبارة لنهي من لا يؤمن عن صدّ موسى، والمقصود نهي موسى عن التكذيب بالبعث أو أمره بالتصديق فكيف صلحت هذه العبارة لأداء هذا المقصود ؟ قلت : فيه وجهان، أحدهما : أن صد الكافر عن التصديق بها سبب للتكذيب. فذكر السبب ليدل على المسبب. والثاني أن صد الكافر مسبب عن رخاوة الرجل في الدين ولين شكيمته، فذكر المسبب ليدل على السبب، كقولهم : لا أرينك ههنا، المراد نهيه عن مشاهدته والكون بحضرته. وذلك سبب رؤيته إياه، فكان ذكر المسبب دليلاً على السبب، كأنه قيل فكن شديد الشكيمة صليب المعجم حتى لا يتلوح منك لمن يكفر بالبعث أنه يطمع في صدك عما أنت عليه، يعني : أن من لا يؤمن بالآخرة هم الجم الغفير إذ لا شيء أطم على الكفرة ولا هم أشد له نكيراً من البعث، فلا يهولنك وفور دهمائهم ولا عظم سوادهم، ولا تجعل الكثرة مزلة قدمك، وأعلم أنهم وإن كثروا تلك الكثرة فقدوتهم فيما هم فيه هو الهوى واتباعه، لا البرهان وتدبره. وفي هذا حث عظيم على العمل بالدليل، وزجر بليغ عن التقليد، وإنذار بأن الهلاك والردى مع التقليد وأهله.