فهذه فتنة يا ابن جبير. وألقته أمّه في البحر. وهمّ فرعون بقتله. وقتل قبطياً وأجر نفسه عشر سنين. وضلّ الطريق وتفرّقت غنمه في ليلة مظلمة، وكان يقول عند كل واحدة : فهذه فتنة يا ابن جبير، والفتنة : المحنة، وكل ما يشق على الإنسان وكل ما يبتلى الله به عباده : فتنة قال :﴿ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾ ( الأنبياء : ٣٥ ). ﴿ مَدْيَنَ ﴾ على ثماني مراحل من مصر. وعن وهب : أنه لبث عند شعيب ثمانياً وعشرين سنة، منها مهر ابنته، وقضى أوفى الأجلين. أي سبق في قضائي وقدري أن أكلمك وأستنبئك وفي وقت بعينه قد وقته لذلك، فما جئت إلا على ذلك القدر غير مستقدم ولا مستأخر. وقيل : على مقدار من الزمان يوحي فيه إلى الأنبياء، وهو رأس أربعين سنة. هذا تمثيل لما خوّله من منزلة التقريب والتكريم والتكليم. مثل حاله بحال من يراه بعض الملوك لجوامع خصال فيه وخصائص، أهلاً لئلا يكون أحد أقرب منزلة منه إليه، ولا ألطف محلاً، فيصطنعه بالكرامة والأثرة، ويستخلصه لنفسه، ولا يبصر ولا يسمع إلا بعينه وأذنه، ولا يأتمن على مكنون سره إلا سواء ضميره.
! ٧ < ﴿ اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِأايَاتِى وَلاَ تَنِيَا فِى ذِكْرِى * اذْهَبَآ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ > ٧ !
< < طه :( ٤٢ ) اذهب أنت وأخوك..... > > الونى. الفتور والتقصير. وقرىء ( تنيا ) بكسر حرف المضارعة للإتباع، أي : لا تنسياني ولا أزال منكما على ذكر حيثما تقلبتما، واتخذا ذكري جناحاً تصيران به مستمدين بذلك العون والتأييد مني، معتقدين أن أَمراً من الأمور لا يتمشى لأحد إلا بذكري. ويجوز أن يريد بالذكر تبليغ الرسالة، فإن الذكر يقع على سائر العبادات، وتبليغ الرسالة من أجلها وأعظمها، فكان جديراً بأن يطلق عليه اسم الذكر. روي : أن الله تعالى أوحى إلى هارون وهو بمصر أن يتلقى موسى. وقيل : سمع بمقبله. وقيل : ألهم ذلك. قرىء ( لينا ) بالتخفيف والقول اللين. نحو قوله تعالى :﴿ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبّكَ فَتَخْشَى ﴾ ( النازعات : ١٨ ) لأنّ ظاهره الاستفهام والمشورة، وعرض ما فيه الفوز العظيم. وقيل : عداه شباباً لا يهرم بعده، وملكاً لا ينزع منه إلا بالموت، وأن تبقى له لذة المطعم والمشرب والمنكح إلى حين موته. وقيل : لا تجبهاه بما يكره، وألطفاً له في القول، لما له من حق تربية موسى، ولما ثبت له من مثل حق