إلى أنفسهم وجاؤا بالفكرة الصالحة، ثم انتكسوا وانقلبوا عن تلك الحالة، فأخذوا في المجادلة بالباطل والمكابرة، وأنّ هؤلاء مع تقاصر حالها عن حال الحيوان الناطق آلهة معبودة، مضارّة منهم. أو انتكسوا عن كونهم مجادلين لإبراهيم عليه السلام مجادلين عنه، حين نفوا عنها القدرة على النطق. أو قلبوا على رؤسهم حقيقة، لفرط إطراقهم خجلاً وانكساراً وانخزالاً مما بهتهم به إبراهيم عليه السلام، فما أحاروا جواباً ما هو حجة عليهم. وقرىء :( نكسوا ) بالتشديد ونكسوا، على لفظ ما سمي فاعله، أي : نكسوا أنفسهم على رؤوسهم. قرأ به رضوان ابن عبد المعبود.
! ٧ < ﴿ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ > ٧ !
< < الأنبياء :( ٦٦ - ٦٧ ) قال أفتعبدون من..... > > ﴿ أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ صوت إذا صوّت به علم أنّ صاحبه متضجر، أضجره ما رأى من ثباتهم على عبادتها بعد انقطاع عذرهم وبعد وضوح الحق وزهوق الباطل، فتأفف بهم. واللام لبيان المتأفف به. أي : لكم ولآلهتكم هذا التأفف.
! ٧ < ﴿ قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَانصُرُواْ ءَالِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يانَارُ كُونِى بَرْداً وَسَلَامَا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الاٌّ خْسَرِينَ ﴾ > ٧ !
< < الأنبياء :( ٦٨ ) قالوا حرقوه وانصروا..... > > أجمعوا رأيهم لما غلبوا بإهلاكه ؛ وهكذا المبطل إذا قرعت شبهته بالحجة وافتضح، لم يكن أحد أبغض إليه من المحق. ولم يبق له مفزع إلا مناصبته، كما فعلت قريش برسول الله ﷺ حين عجزوا عن المعارضة والذي أشار بإحراقه نمروذ. وعن ابن عمر رضي الله عنهما : رجل من أعراب العجم يريد الأكراد. وروي : أنهم حين هموا بإحراقه، حبسوه ثم بنوا بيتاً كالحظيرة بكوثي، وجمعوا شهراً أصناف الخشب الصلاب، حتى إن كانت المرأة لتمرض فتقول : إن عافاني الله لأجمعنّ خطباً لإبراهيم عليه السلام، ثم أشعلوا ناراً عظيمة كادت الطير تحترق في الجوّ من وهجها. ثم وضعوه في المنجنيق مقيداً مغلولاً فرموا به فيها، فناداها جبريل عليه السلام ﴿ قُلْنَا يانَارُ كُونِى بَرْداً وَسَلَامَا ﴾ ويحكى. ما أحرقت منه إلا وثاقه. وقال له جبريل عليه السلام حين رمي به : هل لك حاجة ؟ فقال : أما إليك فلا. قال : فسل ربك. قال : حسبي من سؤالي علمه بحالي. وعن ابن عباس رضي الله عنهما : إنما نجا بقوله : حسبي الله ونعم الوكيل،