دسوه فيها ﴿ بَيْنَ ذالِكَ ﴾ أي بين ذلك المذكور، وقد يذكر الذاكر أشياء مختلفة ثم يشير إليها ذلك، ويحسب الحاسب أعداداً متكاثرة ثم يقول : فذلك كيت وكيت على معنى : فذلك المحسوب أو المعدود ﴿ ضَرَبْنَا لَهُ الاْمْثَالَ ﴾ بينا له القصص العجيبة من قصص الأوّلين، ووصفنا لهم ما أجروا إليه من تكذيب الأنبياء وجرى عليهم من عذاب الله وتدميره. والتتبير : التفتيت والتكسير. ومنه : التبر، وهو كسار الذهب والفضة والزجاج. و ﴿ وَكُلاًّ ﴾ الأوّل منصوب بما دلّ عليه ﴿ ضَرَبْنَا لَهُ الاْمْثَالَ ﴾ وهو : أنذرنا. أو : حذرنا. والثاني : بتبرنا، لأنه فارغ له.
! ٧ < ﴿ وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِى أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً ﴾ > ٧ !
< < الفرقان :( ٤٠ ) ولقد أتوا على..... > > أراد بالقرية ( سدوم ) من قرى قوم لوط، وكانت خمساً : أهلك الله تعالى أربعاً بأهلها وبقيت واحدة. ومطر السوء : الحجارة، يعني أن قريشاً مرّوا مراراً كثيرة في متاجرهم إلى الشام على تلك القرية التي أهلكت بالحجارة من السماء ﴿ أَفَلَمْ يَكُونُواْ ﴾ في مرار مرورهم ينظرون إلى آثار عذاب الله ونكاله ويذكرون ﴿ بَلْ كَانُواْ ﴾ قوماً كفرة بالبعث لا يتوقعون ﴿ نُشُوراً ﴾ وعاقبة، فوضع الرجاء موضع التوقع، لأنه إنما يتوقع العاقبة من يؤمن فمن ثم لم ينظروا ولم يذكروا، ومرّوا بها كما مرّت ركابهم. أو لا يأملون نشوراً كما يأمله المؤمنون لطمعهم في الوصول إلى ثواب أعمالهم، أو لا يخافون، على اللغة التهامية.
! ٧ < ﴿ وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَاذَا الَّذِى بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً * إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ ءَالِهَتِنَا لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ > ٧ !
< < الفرقان :( ٤١ - ٤٢ ) وإذا رأوك إن..... > > ﴿ إِن ﴾ الأولى نافية، والثانية مخففة من الثقيلة. واللام هي الفارقة بينهما. واتخذه هزواً : في معنى استهزأ به، والأصل : اتخذه موضع هزؤ، أو مهزوءاً به ﴿ أَهَاذَا ﴾ محكى بعد القول المضمر. وهذا استصغار، و ﴿ بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً ﴾ وإخراجه في معرض التسليم والإقرار، وهم على غاية الجحود والإنكار سخرية واستهزاء، ولو لم يستهزؤا لقالوا : أهذا الذي زعم أو ادّعى أنه مبعوث من عند الله رسولاً، . وقولهم :﴿ إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا ﴾ دليل على فرط مجاهدة رسول الله ﷺ في دعوتهم، وبذله قصارى الوسع والطاقة في استعطافهم، مع عرض الآيات والمعجزات عليهم حتى شارفوا بزعمهم أن يتركوا دينهم إلى دين الإسلام، لولا فرط لجاجهم واستمساكهم بعبادة آلهتهم، و ﴿ لَوْلاَ ﴾ في مثل هذاالكلام جار من حيث المعنى لا من حيث الصنعة مجرى التقييد للحكم المطلق ﴿ وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ وعيد ودلالة على أنهم لا يفوتونه وإن طالت مدّة الإمهال، ولا بدّ