ِ الْعَالَمِينَ * أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِى إِسْرَاءِيلَ * قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ * وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِى فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ * قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ الضَّآلِّينَ * فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِى رَبِّى حُكْماً وَجَعَلَنِى مِنَ الْمُرْسَلِينَ * وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَىَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِى إِسْرَاءِيلَ } > ٧ !
< < الشعراء :( ١٥ ) قال كلا فاذهبا..... > > جمع الله له الاستجابتين معاً في قوله :﴿ كَلاَّ فَاذْهَبَا ﴾ لأنه استدفعه بلاءهم فوعده الدفع بردعه عن الخوف، والتمس منه الموازرة بأخيه فأجابه بقوله :﴿ اذْهَبَا ﴾ أي اذهب أنت والذي طلبته وهو هارون. فإن قلت : علام عطف قوله :﴿ فَاذْهَبَا ﴾ ؟ قلت : على الفعل الذي يدل عليه ﴿ كَلاَّ ﴾ كأنه قيل : ارتدع يا موسى عما تظنّ، فاذهب أنت وهارون. وقوله :﴿ مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ ﴾ من مجاز الكلام، يريد : أنا لكما ولعدوّكما كالناصر الظهير لكما عليه إذا حضر واستمع ما يجري بينكما وبينه. فأظهركما وأُغلبكما وأكسر شوكته عنكما وأنكسه. ويجوز أن يكونا خبرين لأنّ، أو يكون ﴿ مُّسْتَمِعُونَ ﴾ مستقراً، و ﴿ مَّعَكُمْ ﴾ لغواً. فإن قلت : لم جعلت ﴿ مُّسْتَمِعُونَ ﴾ قرينة ﴿ مَّعَكُمْ ﴾ في كونه من باب المجاز، والله تعالى يوصف على الحقيقة بأنه سميع وسامع ؟ قلت : ولكن لا يوصف بالمستمع على الحقيقة ؛ لأنّ الاستماع جار مجرى الإصغاء، والاستماع من السمع بمنزلة النظر من الرؤية. ومنه قوله تعالى :﴿ قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مّنَ الْجِنّ فَقَالُواْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءانَاً عَجَباً ﴾ ( الجن : ١ ) ويقال : استمع إلى حديثه وسمع حديثه، أي : أصغى إليه وأدركه بحاسة السمع. ومنه قوله ﷺ :
( ٧٨٢ ) ( منِ استمعَ إلى حديثِ قومٍ وهم لَه كَارهونَ صُبَّ في أذنيه البِرمُ ). فإن قلت : هلا ثنى الرسول كما ثنى في قوله :﴿ إِنَّا رَسُولاَ رَبّكَ ﴾ ( طه : ٤٧ ) ؟ قلت : الرسول يكون بمعنى المرسل، وبمعنى الرسالة، فجعل ثم بمعنى المرسل فلم يكن بدّ من تثنيته، وجعل ههنا بمعنى الرسالة فجاز التسوية فيه إذا وصف به بين الواحد والتثنية