على أن أقذفك لنفسي، فخرّ موسى ساجداً يبكي وقال : يا رب، إن كنت رسولك فاغضب لي. فأوحى إليه : أن مر الأرض بما شئت، فإنها مطيعة لك. فقال : يا بني إسرائيل، إنّ الله بعثني إلى قارون كما بعثني إلى فرعون، فمن كان معه فليلزم مكانه، ومن كان معي فليعتزل، فاعتزلوا جميعاً غير رجلين ثم قال : يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى الركب، ثم قال : خذيهم، فأخذتهم إلى الأوساط، ثم قال : خذيهم، فأخذتهم إلى الأعناق، وقارون وأصحابه يتضرعون إلى موسى عليه السلام ويناشدونه بالله والرحم، وموسى لا يلتفت إليهم لشدّة غضبه، ثم قال : خذيهم، فانطبقت عليهم. وأوحى الله إلى موسى : ما أفظك : استغاثوا بك مراراً فلم ترحمهم، أما وعزتي لو إياي دعوا مرة واحدة لوجدوني قريباً مجيباً، فأصبحت بنو إسرائيل يتناجون بينهم : إنما دعا موسى على قارون ليستبد بداره وكنوزه، فدعا الله حتى خسف بداره وأمواله ﴿ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ ﴾ من المنتقمين من موسى عليه السلام، أو من الممتنعين من عذاب الله. يقال : نصره من عدوه فانتصر، أي : منعه منه فامتنع.
! ٧ < ﴿ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِالاٌّ مْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ > ٧ !
< < القصص :( ٨٢ ) وأصبح الذين تمنوا..... > > قد يذكر الأمس ولا يراد به اليوم الذي قبل يومك، ولكن الوقت المستقرب على طرق الاستعارة ﴿ مَكَانَهُ ﴾ منزلته من الدنيا ﴿ * وي ﴾ مفصولة عن كأن، وهي كلمة تنبُّهٍ على الخطأ وتندُّم. ومعناه : أن القوم قد تنبهوا على خطئهم في تمنيهم وقولهم :﴿ الدُّنْيَا يالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِىَ قَارُونُ ﴾ وتندموا ثم قالوا :﴿ كَأَنَّهُ * لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ أي : ما أشبه الحال بأن الكافرين لا ينالون الفلاح، وهو مذهب الخليل وسيبويه. قال :% ( وَيْ كَأَنَّ مَنْ يَكُنْ لَهُ نَشَبٌ يُحْ % بب وَمَنْ يَفْتَقِرْ يَعِشْ عَيْشَ ضُرِّ ) %
وحكى الفراء أنّ أعرابية قالت لزوجها : أين ابنك ؟ فقال : وي كأنه وراء البيت. وعند الكوفيين أنّ ( ويك ) بمعنى : ويلك، وأنّ المعنى ألم تعلم أنه لا يفلح الكافرون. ويجوز أن تكون الكاف كاف الخطاب مضمومة إلى وي، كقوله :