على ما كان يأتي ويذر، فإما أن يلقاه ببشر وترحيب لما رضي من أفعاله، أو بضد ذلك لما سخطه منها، فمعنى قوله :﴿ مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ ﴾ : من كان يأمل تلك الحال. وأن يلقى فيها الكرامة من الله والبشر ﴿ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ ﴾ وهو الموت ﴿ لآتٍ ﴾ لا محالة ؛ فليبادر العمل الصالح الذي يصدق رجاءه، ويحقق أمله، ويكتسب به القربة عند الله والزلفى ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ الذي لا يخفى عليه شيء مما يقوله عباده ومما يفعلونه، فهو حقيق بالتقوى والخشية. وقيل :﴿ يَرْجُو ﴾ : يخاف من قول الهذلي في صفة عسّال :% ( إِذَا لَسَعْتُه الدَّبْرُ لَمْ يَرْجُ لَسْعَهَا ;
فإن قلت : فإن أجل الله لآت، كيف وقع جواباً للشرط ؟ قلت : إذا علم أن لقاء الله عنيت به تلك الحال الممثلة والوقت الذي تقع فيه تلك الحال هو الأجل المضروب للموت : فكأنه قال : من كان يرجو لقاء الله فإن لقاء الله لآت، لأن الأجل واقع فيه اللقاء، كما تقول : من كان يرجو لقاء الملك فإن يوم الجمعة قريب، إذا علم أنه يقعد للناس يوم الجمعة.
! ٧ < ﴿ وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِىٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ > ٧ !
< < العنكبوت :( ٦ ) ومن جاهد فإنما..... > > ﴿وَمَن جَاهَدَ ﴾ نفسه في منعها ما تأمر به وحملها على ما تأباه ﴿ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ ﴾ لها، لأن منفعة ذلك راجعة إليها، وإنما أمر الله عز وجل ونهى، رحمة لعباده وهو الغني عنهم وعن طاعتهم.
! ٧ < ﴿ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِى كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ > ٧ !
< < العنكبوت :( ٧ ) والذين آمنوا وعملوا..... > > إما أن يريد قوماً مسلمين صالحين قد أساءوا في بعض أعمالهم وسيئاتهم مغمورة بحسناتهم فهو يكفرها عنهم، أي يسقط عقابها بثواب الحسنات ويجزيهم أحسن الذي كانوا يعملون، أي : أحسن جزاء أعمالهم : وإما قوماً مشركين آمنوا وعملوا الصالحات، فالله عز وجل يكفر سيئاتهم بأن يسقط عقاب ما تقدم لهم من الكفر والمعاصي ويجزيهم أحسن جزاء أعمالهم في الإسلام.