عليها اشمئزازاً منها في طباعهم لإفراط قبحها، حتى أقدم عليها قوم لوط لخبث طينتهم وقذر طباعهم. قالوا لم ينزُ ذكر على ذكر قبل قوم لوط قط. وقريء : إنكم، بغير استفهام في الأوّل دون الثاني : قال أبو عبيدة : وجدته في الإمام بحرف واحد بغير ياء، ورأيت الثاني بحرفين الياء والنون وقطع السبيل : عمل قطاع الطريق، من قتل الأنفس وأخذ الأموال. وقيل : اعتراضهم السابلة بالفاحشة. وعن الحسن : قطع النسل بإتيان ما ليس بحرث. و ﴿ الْمُنْكَرَ ﴾ عن ابن عباس رضي الله عنهما هو الخذف بالحصى، والرمي بالبنادق، والفرقعة، ومضغ العلك، والسواك بين الناس، وحل الأزرار، والسباب، والفحش في المزاح. وعن عائشة رضي الله عنها : كانوا يتحابقون وقيل السخرية بمن مرَّ بهم. وقيل : المجاهرة في ناديهم بذلك العمل، وكل معصية فإظهارها أقبح من سترها، ولذلك جاء : من خرق جلباب الحياء فلا غيبة له. ولا يقال للمجلس : ناد، إلا ما دام فيه أهله، فإذا قاموا عنه لم يبق نادياً ﴿ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ فيما تعدناه من نزول العذاب. كانوا يفسدون الناس بحملهم على ما كانوا عليه من المعاصي والفواحش طوعاً وكرهاً ولأنهم ابتدعوا الفاحشة وسنوها فيمن بعدهم، وقال الله تعالى :﴿ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ ﴾ ( النحل : ٨٨ ) فأراد لوط عليه السلام أن يشتد غضب الله عليهم، فذكر لذلك صفة المفسدين في دعائه.
! ٧ < ﴿ وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُواْ إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَاذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ * قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ﴾ > ٧ !
< < العنكبوت :( ٣١ - ٣٢ ) ولما جاءت رسلنا..... > > ﴿ بِالْبُشْرَى ﴾ هي البشارة بالولد. والنافلة : وهما إسحق ويعقوب. وإضافة مهلكو إضافة تخفيف لا تعريف. والمعنى الاستقبال. والقرية : سدوم التي قيل فيها : أجور من قاضي سدوم ﴿ كَانُواْ ظَالِمِينَ ﴾ معناه أنّ الظلم قد استمر منهم إيجاده في الأيام السالفة، وهم عليه مصرون، وظلمهم : كفرهم وألوان معاصيهم ﴿ إِنَّ فِيهَا لُوطاً ﴾ ليس إخباراً لهم بكونه فيها، وإنما هو جدال في شأنه : لأنهم لما عللوا إهلاك أهلها بظلمهم : اعترض عليهم بأن فيها من هو بريء من الظلم، وأراد بالجدال : إظهار الشفقة عليهم، وما يجب للمؤمن من التحزن لأخيه، والتشمر في نصرته وحياطته، والخوف من أن يمسه أذى أو يلحقه ضرر. قال قتادة : لا يرى المؤمن ألا يحوط المؤمن، ألا ترى إلى جوابهم