فيه حياة : حيوانا. قالوا : اشتر من الموتان ولا تشتر من الحيوان. وفي بناء الحيوان زيادة معنى ليس في بناء الحياة، وهي ما في بناء فعلان من معنى الحركة والاضطراب، كالنزوان والنغصان واللهبان، وما أشبه ذلك. والحياة : حركة، كما أن الموت سكون، فمجيئه على بناء دال على معنى الحركة، مبالغة في معنى الحياة، ولذلك اختيرت على الحياة في هذا الموضع المقتضى للمبالغة ﴿ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ﴾ فلم يؤثروا الحياة الدنيا عليها.
! ٧ < ﴿ فَإِذَا رَكِبُواْ فِى الْفُلْكِ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ يَعلَمُونَ ﴾ > ٧ !
< < العنكبوت :( ٦٥ ) فإذا ركبوا في..... > > فإن قلت : بم اتصل قوله ﴿ فَإِذَا رَكِبُواْ ﴾ ؟ قلت : بمحذوف دلّ عليه ما وصفهم به وشرح من أمرهم، معناه : هم على ما وصفوا به من الشرك والعناد ﴿ فَإِذَا رَكِبُواْ فِى الْفُلْكِ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ ﴾ كائنين في صورة من يخلص الدين لله من المؤمنين، حيث لا يذكرون إلا الله ولا يدعون معه إلاهاً آخر. وفي تسميتهم مخلصين : ضرب من التهكم ﴿ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرّ ﴾ وآمنوا عادوا إلى حال الشرك : واللام في ﴿ لِيَكْفُرُواْ ﴾ محتملة أن تكون لام كي، وكذلك في ﴿ وَلِيَتَمَتَّعُواْ ﴾ فيمن قرأها بالكسر. والمعنى : أنهم يعودون إلى شركهم ليكونوا بالعود إلى شركهم كافرين بنعمة النجاة، قاصدين التمتع بها والتلذذ لا غير، على خلاف ما هو عادة المؤمنين المخلصين على الحقيقة : إذا أنجاهم الله أن يشكروا نعمة الله في إنجائهم، ويجعلوا نعمة النجاة ذريعة إلى ازدياد الطاعة، لا إلى التمتع والتلذذ، وأن تكون لام الأمر وقراءة من قرأ وليتمتعوا بالسكون تشهد له. ونحوه قوله تعالى :﴿ اعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ ( فصلت : ٤١ ). فإن قلت : كيف جاز أن يأمر الله تعالى بالكفر وبأن يعمل العصاة ما شاءوا، وهو ناه عن ذلك ومتوعد عليه ؟ قلت : هو مجاز عن الخذلان والتخلية، وأن ذلك الأمر متسخط إلى غاية. ومثاله أن ترى الرجل قد عزم على أمر، وعندك أنّ ذلك الأمر خطأ، وأنه يؤدي إلى ضرر عظيم، فتبالغ في نصحه واستنزاله عن رأيه، فإذا لم تر منه إلا الإباء والتصميم، حردت عليه وقلت : أنت وشأنك وافعل ما شئت، فلا تريد بهذا حقيقة الأمر. وكيف والآمر بالشيء مريد له، وأنت شديد الكراهة متحسر، ولكنك كأنك تقول له : فإذ قد

__________


الصفحة التالية
Icon