للعقل، مساوقاً للنظر الصحيح، حتى لو تركوا لما اختاروا عليه ديناً آخر، ومن غوى منهم فبإغواء شياطين الإنس والجن. ومنه قوله ﷺ :
( ٨٤٣ ) ( كل عبادي خلقت حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم وأمروهم أن يشركوا بي غيري ) وقوله عليه السلام :
( ٨٤٤ ) ( كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهوّدانه وينصرانه )، ﴿ لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾ أي ما ينبغي أن تبدّل تلك الفطرة أو تغير. فإن قلت : لم وحد الخطاب أولاً، ثم جمع ؟ قلت : خوطب رسول الله ﷺ أولاً، وخطاب الرسول خطاب لأمته مع ما فيه من التعظيم للإمام، ثم جمع بعد ذلك للبيان والتلخيص ﴿ مِنَ الَّذِينَ ﴾ بدل من المشركين ( فارقوا دينهم ) تركوا دين الإسلام. وقرىء :( فرّقوا دينهم ) بالتشديد، أي : حعلوه أدياناً مختلفة لاختلاف أهوائهم ﴿ وَكَانُواْ شِيَعاً ﴾ فرقاً، كل واحدة تشايع إمامها الذي أضلها ﴿ كُلُّ حِزْبٍ ﴾ منهم فرح بمذهبه مسرور، يحسب باطله حقاً ويجوز أن يكون ﴿ مِنَ الَّذِينَ ﴾ منقطعاً مما قبله، ومعناه : من المفارقين دينهم كل حزب فرحين بما لديهم، ولكنه رفع فرحون على الوصف لكل، كقوله :% ( وَكُلُّ خَلِيلٍ غَيْرُ هَاضِمِ نَفْسِهِ ;
! ٧ < ﴿ وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ > ٧ !
< < الروم :( ٣٣ ) وإذا مس الناس..... > > الضر : الشدّة من هزال أو مرض أو قحط أو غير ذلك. والرحمة : الخلاص من الشدّة. واللام في ﴿ لِيَكْفُرُواْ ﴾ مجاز مثلها في ﴿ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً ﴾ ( القصص : ٨ ). ﴿ فَتَمَتَّعُواْ ﴾ نظير ﴿ اعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ ﴾ ( فصلت : ٤٠ ) ﴿ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ وبال تمتعكم. وقرأ ابن مسعود : وليتمتعوا.