والمنافسة بكثرة الأموال والأولاد، والمفاخرة وزخارفها، والتكبر بذلك على المؤمنين، والاستهانة بهم من أجله، وقولهم :﴿ أَىُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً ﴾ ( مريم : ٧٣ ) وأنه لم يرسل قط إلى أهل قرية من نذير إلاّ قالوا له مثل ما قال لرسول الله ﷺ أهل مكة وكادوه بنحو ما كادوه به، وقاسوا أمر الآخرة الموهومة أو المفروضة عندهم على أمر الدنيا، واعتقدوا أنهم لو لم يكرموا على الله لما رزقهم، ولولا أنّ المؤمنين هانوا عليه لما حرمهم ؛ فعلى قياسهم ذلك قالوا :﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴾ أرادوا أنهم أكرم على الله من أن يعذبهم، نظراً إلى أحوالهم في الدنيا.
! ٧ < ﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّى يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ > ٧ !
< < سبأ :( ٣٦ ) قل إن ربي..... > > وقد أبطل الله تعالى حسبانهم بأنّ الرزق فضل من الله يقسمه كما يشاء على حسب ما يراه من المصالح، فربما وسع على العاصي وضيق على المطيع، وربما عكس، وربما وسع عليهما وضيق عليهما، فلا ينقاس عليه أمر الثواب الذي مبناه على الاستحقاق. وقدر الرزق : تضييقه. قال تعالى :﴿ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ﴾ ( الطلاق : ٧ ) وقرىء :( ويقدّر ) بالتشديد والتخفيف.
! ٧ < ﴿ وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِى تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَائِكَ لَهُمْ جَزَآءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ وَهُمْ فِى الْغُرُفَاتِ ءَامِنُونَ * وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِىءَايَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَائِكَ فِى الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ﴾ > ٧ !
< < سبأ :( ٣٧ - ٣٨ ) وما أموالكم ولا..... > > أراد : وجماعة أموالكم ولا جماعة أولادكم بالتي تقربكم، وذلك أنّ الجمع المكسر عقلاؤه وغير عقلائه سواء في حكم التأنيث، ويجوز أن يكون التي هي التقوى وهي المقربة عند الله زلفى وحدها، أي : ليست أموالكم بتلك الموضوعة للتقريب. وقرأ الحسن : باللاتي تقرّبكم ؛ لأنها جماعات. وقرىء :( بالذي يقرّبكم )، أي : بالشيء الذي يقرّبكم. والزلفى والزلفة : كالكربى والكربة، ومحلها النصب، أي : تقرّبكم قربة، كقوله تعالى :﴿ أَنبَتَكُمْ مّنَ الاْرْضِ نَبَاتاً ﴾ ( نوح : ١٧ ) ﴿ وَمَا أَمْوالُكُمْ وَلاَ ﴾ استثناء من ﴿ كَمْ ﴾ في ﴿ تُقَرّبُكُمْ ﴾، والمعنى : أنّ الأموال لا تقرب أحداً إلاّ المؤمن الصالح الذي ينفقها في سبيل الله، والأولاد لا تقرب أحداً إلا من علمهم الخير وفقههم في الدين ورشحهم للصلاح والطاعة، جزاء ﴿ الضّعْفِ ﴾ من إضافة المصدر إلى المفعول، أصله : فأولئك لهم أن