والباعث : هو الله تعالى. وعن الحسن : لا يبدىء لأهله خيراً ولا يعيده، أي : لا ينفعهم في الدنيا والآخرة. وقال الزجاج : أيّ شيء ينشيء إبليس ويعيده، فجعله للاستفهام. وقيل للشيطان : الباطل ؛ لأنه صاحب الباطل ؛ أو لأنه هالك كما قيل له : الشيطان، من شاط إذا هلك.
! ٧ < ﴿ قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَى نَفْسِى وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِى إِلَىَّ رَبِّى إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ﴾ > ٧ !
< < سبأ :( ٥٠ ) قل إن ضللت..... > > قرىء :( ضللت أضلّ ) بفتح العين مع كسرها. وضللت أضلّ، بكسرها مع فتحها، وهما لغتان، نحو : ظللت أظلّ. وقرىء :( إضلّ ) بكسر الهمزة مع فتح العين. فإن قلت : أين التقابل بين قوله :﴿ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِى ﴾ وقوله :﴿ فِيمَا * يُوحِى إِلَىَّ رَبّى ﴾ وإنما كان يستقيم أن يقال : فإنما أضل على نفسي، وإن اهتديت فإنما اهتدى لها، كقوله تعالى :﴿ مَّنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ﴾ ( فصلت : ٤٦ ) فمن اهتدى فلنفسه ومن ضلّ فإنما يضلّ عليها. أو يقال : فإنما أضلّ بنفسي. قلت : هما متقابلان من جهة المعنى ؛ لأنّ النفس كل ما عليها فهو بها، أعني : أن كل ما هو وبال عليها وضار لها فهو بها وبسببها : لأنّ الأمّارة بالسوء، وما لها مما ينفعها فبهداية ربها وتوفيقه، وهذا حكم عامّ لكل مكلف، وإنما أمر رسوله ﷺ أن يسنده إلى نفسه ؛ لأن الرسول إذا دخل تحته مع جلالة حمله وسداد طريقته كان غيره أولى به ﴿ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ﴾ يدرك قول كل ضالّ ومهتد، وفعله لا يخفى عليه منهما شيء.
! ٧ < ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ ﴾ > ٧ !
< < سبأ :( ٥١ ) ولو ترى إذ..... > > ﴿وَلَوْ تَرَى ﴾ جوابه محذوف، يعني : لرأيت أمراً عظيماً وحالاً هائلة. و ( لو ) و ( إذ ) والأفعال التي هي ( فزعوا ) و ( أخذوا ) وحيل بينهم : كلها للمضي. والمراد بها الاستقبال ؛ لأن ما الله فاعله في المستقبل بمنزلة ما قد كان ووجد لتحققه، ووقت الفزع : وقت البعث وقيام الساعة. وقيل : وقت الموت. وقيل : يوم بدر. وعن ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت في خسف البيداء، وذلك أن ثمانين ألفاً يغزون الكعبة ليخربوها، فإذا دخلوا البيداء خسف بهم ﴿ فَلاَ فَوْتَ ﴾ فلا يفوتون الله ولا يسبقونه. وقرىء :( فلا فوت ) والأخذ من مكان قريب : من الموقف إلى النار إذا بعثوا. أو من ظهر الأرض إلى بطنها إذا ماتوا. أو من صحراء بدر إلى القليب. أو من تحت أقدامهم إذا خسف بهم. فإن قلت : علام عطف قوله :﴿ وَأُخِذُواْ ﴾ ؟ قلت : في وجهان : العطف على فزعوا، أي : فزعوا وأخذوا فلا فوت لهم. أو على لا فوت، على معنى : إذا فزعوا فلم يفوتوا وأخذوا. وقرىء :( وأخذ ) وهو معطوف على محل لا فوت ومعناه : فلا فوت هناك، وهناك أخذ.