! ٧ < ﴿ وَقَالُواْ ءَامَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ * وَقَدْ كَفَرُواْ بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ * وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ فِى شَكٍّ مُّرِيبِ ﴾ > ٧ !
< < سبأ :( ٥٢ - ٥٤ ) وقالوا آمنا به..... > > ﴿ءامنا به ﴾ بمحمد ﷺ لمرور ذكره في قوله :﴿ مَا بِصَاحِبِكُمْ مّن جِنَّةٍ ﴾ : والتناوش والتناول : أخوان ؛ إلاّ أنّ التناوش تناول سهل لشيء قريب، يقال ناشة ينوشه، وتناوشه القوم. ويقال : تناوشوا في الحرب : ناش بعضهم بعضاً. وهذا تمثيل لطلبهم ما لا يكون، وهو أن ينفعهم إيمانهم في ذلك الوقت، كما ينفع المؤمنين إيمانهم في الدنيا : مثلت حالهم بحال من يريد أن يتناول الشيء من غلوة، كما يتناوله الآخر من قيس ذراع تناولاً سهلاً لا تعب فيه. وقرىء :( التناوش ) : همزت الواو المضمومة كما همزت في أجؤه وأدؤر وعن أبي عمرو التناوش بالهمز التناول من بعد من قولهم : نأشت إذا أبطأت وتأخرت. ومنه البيت :% ( تَمَنَّى نَئِيشاً أَنّ يَكُونَ أَطَاعَنِي ;
أي أخيراً ﴿ وَيَقْذِفُونَ ﴾ معطوف على قد كفروا، على حكاية الحال الماضية، يعني : وكانوا يتكلمون ﴿ بِالْغَيْبِ ﴾ ويأتون به ﴿ مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ ﴾ وهو قولهم في رسول الله ﷺ شاعر، ساحر، كذاب. وهذا تكلم بالغيب والأمر الخفي، لأنهم لم يشاهدوا منه سحراً ولا شعراً ولا كذباً، وقد أتوا بهذا الغيب من جهة بعيدة من حاله، لأن أبعد شيء مما جاء به : الشعر والسحر، وأبعد شيء من عادته التي عرفت بينهم وجربت : الكذب والزور : قرىء :( ويقذفون بالغيب )، على البناء للمفعول، أي : يأتيهم به شياطينهم ويلقنوهم إياه، وإن شئت فعلقه بقوله :﴿ وَقَالُواْ ءامَنَّا بِهِ ﴾ على أنه مثلهم في طلبهم تحصيل ما عطلوه من الإيمان في الدنيا بقولهم آمنا في الآخرة، وذلك مطلب مستبعد بمن يقذف شيئاً من مكان بعيد لا مجال للظن في لحوقه، حيث يريد أن يقع فيه لكونه غائباً عنه شاحطاً، والغيب : الشيء الغائب، ويجوز أن يكون الضمير للعذاب الشديد في