فاعترضوه، فاطلع هو بعد ذلك. وإن جعلت الإطلاع من أطلعه غيره، فالمعنى : أنه لما شرط في اطلاعه اطلاعهم، وهو من آداب المجالسة. أن لا يستبد بشيء دون جلسائه، فكأنهم مطلعوه. وقيل : الخطاب على هذا للملائكة. وقرىء :( مطلعون ) بكسر النون، أراد : مطلعون إياي ؛ فوضع المتصل موضع المنفصل، كقوله :% ( هُمُ الْفَاعِلُونَ الْخَيْرَ وَالآمِرُونَهُ ;
أو شبه اسم الفاعل في ذلك بالمضارع لتآخ بينهما، كأنه قال : تطلعون، وهو ضعيف لا يقع إلاّ في الشعر ﴿ فِى سَوَآءِ الْجَحِيمِ ﴾ في وسطها، يقال : تعبت حتى أنقطع سوائي، وعن أبي عبيدة : قال لي عيسى بن عمر : كنت أكتب يا أبا عبيدة حتى ينقطع سوائي ( إن ) مخففة من الثقيلة، وهي تدخل على ( كاد ) كما تدخل على ( كان ) ﴿ إِن كَانَ * لَيُضِلُّنَا ﴾ واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، والإرداء : الإهلاك. وفي قراءة عبد الله : لتغوينّ ﴿ نِعْمَةُ رَبّى ﴾ هي العصمة والتوفيق في الاستمساك بعروة الإسلام، والبراءة من قرين السوى. أو إنعام الله بالثواب وكونه من أهل الجنة ﴿ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾ من الذين أحضروا العذاب كما أحضرته أنت وأمثالك.
! ٧ < ﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا الاٍّ ولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴾ > ٧ !
< < الصافات :( ٥٨ ) أفما نحن بميتين > > الذي عطفت عليه الفاء محذوف، معناه : أنحن مخلدون منعمون، فما نحن بميتين لا معذبين. وقرىء :( بمائتين ) والمعنى أنّ هذه حال المؤمنين وصفتهم وما قضى الله به لهم للعلم بأعمالهم أن لا يذوقوا إلا الموتة الأولى، بخلاف الكفار، فإنهم فيما يتمنون فيه الموت كل ساعة، وقيل لبعض الحكماء : ما شرّ من الموت ؟ قال : الذي يتمنى فيه الموت.
! ٧ < ﴿ إِنَّ هَاذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَاذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ﴾ > ٧ !
< < الصافات :( ٦٠ ) إن هذا لهو..... > > يقوله المؤمن تحدثاً بنعمة الله واغتباطاً بحاله وبمسمع من قرينه، ليكون توبيخاً له يزيد به تعذباً، وليحكيه الله فيكون لنا لطفاً وزاجراً. ويجوز أن يكون قولهم جميعاً، وكذلك قوله ﴿ إِنَّ هَاذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ أي إن هذا الأمر الذي نحن فيه. وقيل : هو من قول الله عزّ وجلّ تقريراً لقولهم وتصديقاً له. وقرىء :( لهو الرزق العظيم )