الجوارح. وقيل : هي كناية عن الفروج، أراد بكل شيء : كل شيء، من الحيوان، كما أراد به في قوله تعالى :﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِيرٌ ﴾ ( البقرة : ٢٨٤ ) كل شيء من المقدورات، والمعنى : أن نطقنا ليس بعجب من قدرة الله الذي قدر على إنطاق كل حيوان، وعلى خلقكم وإنشائكم اوّل مرّة، وعلى إعادتكم ورجعكم إلى جزائه إنما قالوا لهم :﴿ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا ﴾ لما تعاظمهم من شهادتها وكبر عليهم من الافتضاح على ألسنة جوارحهم.
! ٧ < ﴿ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَاكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِى ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ الُخَاسِرِينَ ﴾ > ٧ !
< < فصلت :( ٢٢ ) وما كنتم تستترون..... > > والمعنى : أنكم كنتم تستترون بالحيطان والحجب عند ارتكاب الفواحش، وما كان استتاركم ذلك خيفة أن يشهد عليكم جوارحكم ؛ لأنكم كنتم غير عاملين بشهادتها عليكم، بل كنتم جاحدين بالبعث والجزاء أصلاً، ولكنكم إنما استترتم لظنكم ﴿ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مّمَّا ﴾ كنتم ﴿ تَعْمَلُونَ ﴾ وهو الخفيات من أعمالكم، وذلك الظنّ هو الذي أهلككم. وفي هذا تنبيه على أن من حق المؤمن أن لا يذهب عنه، ولا يزل عن ذهنه أن عليه من الله عيناً كالئة ورقيباً مهيمناً، حتى يكون في أوقات خلواته من ربه أهيب وأحسن احتشاماً وأوفر تحفظاً وتصوناً منه مع الملأ، ولا يتبسط في سره مراقبة من التشبه بهؤلاء الظانين. وقرىء :( ولكن زعمتم ) ﴿ وَذَلِكُمْ ﴾ رفع بالابتداء، و ﴿ ظَنُّكُمُ ﴾ و ﴿ أَرْدَاكُمْ ﴾ خبران، ويجوز أن يكون ﴿ ظَنُّكُمُ ﴾ بدلاً من ﴿ وَذَلِكُمْ ﴾ و ﴿ * أرادكم ﴾ الخبر.
! ٧ < ﴿ فَإِن يَصْبِرُواْ فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ * وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ ﴾ > ٧ !
< < فصلت :( ٢٤ ) فإن يصبروا فالنار..... > > ﴿ فَإِن يَصْبِرُواْ ﴾ لم ينفعهم الصبر، ولم ينفكوا به من الثواء في النار، ﴿ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ ﴾ وإن يسألوا العتبى وهي الرجوع لهم إلى ما يحبون جزعاً مما هم فيه : لم يعتبوا : لم يعطوا العتبى ولم يجابوا إليها، ونحوه قوله عزّ وعلا :﴿ أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ ﴾ ( إبراهيم : ٢١ ) وقرىء :( وإن يستعتبوا ) فما هم من المعتبين ) أي : إن

__________


الصفحة التالية
Icon