القرآن على سبيل الحكاية : دليل على إعادة المحكى. ويجوز أن يكون المعنى : أنك علمت من قلوبنا وعقائدنا الآن أنا لا نشهد تلك الشهادة الباطلة، لأنه إذا علمه من نفوسهم فكأنهم أعلموه. ويجوز أن يكون إنشاء للإيذان ولا يكون إخباراً بإيذان قد كان، كما تقول : أعلم الملك أنه كان من الأمر كيت وكيت.
! ٧ < ﴿ لاَّ يَسْأمُ الانْسَانُ مِن دُعَآءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَاذَا لِى وَمَآ أَظُنُّ السَّاعَةَ قَآئِمَةً وَلَئِن رُّجِّعْتُ إِلَى رَبِّى إِنَّ لِى عِندَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ > ٧ !
< < فصلت :( ٤٩ - ٥٠ ) لا يسأم الإنسان..... > > ﴿ مِن دُعَاء الْخَيْرِ ﴾ من طلب السعة في المال والنعمة. وقرأ ابن مسعود : من دعاء بالخير ﴿ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ ﴾ أي الضيقة والفقر ﴿ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ ﴾ بولغ فيه من طريقين : من طريق بناء فعول، ومن طريق التكرير والقنوط أن يظهر عليه أثر اليأس فيتضاءل وينكسر، أي : يقطع الرجاء من فضل الله وروحه، وهذه صفة الكافر بدليل قوله تعالى :﴿ يبَنِىَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَايْئَسُواْ مِن ﴾ ( يوسف : ٨٧ ) وإذا فرجنا عنه بصحة بعد مرض أو سعة بعد ضيق قال :﴿ هَاذَا لِى ﴾ أي هذا حق وصل إلي ؛ لأني استوجبته بما عندي من خير وفضل وأعمال برّ. أو هذا لي لا يزول عني، ونحوه قوله تعالى :﴿ فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَاذِهِ ﴾ ( الأعراف : ١٣١ ) ونحوه قوله تعالى :﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ﴾ ﴿ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ﴾ ( الجاثية : ٣٢ ) يريد : وما أظنها تكون، فإن كانت على طريق التوهم ﴿ أَنَّ لِى ﴾ عند الله الحالة الحسنى من الكرامة والنعمة، قائساً أمر الآخرة على أمر الدنيا. وعن بعضهم : للكافر أمنيتان، يقول في الدنيا : ولئن رجعت إلى ربي إنّ لي عنده للحسنى. ويقول في الآخرة : يا ليتني كنت تراباً. وقيل : نزلت في الوليد بن المغيرة. فلنخبرنهم بحقيقة ما عملوا من الأعمال الموجبة للعذاب. ولنبصرنهم عكس ما اعتقدوا فيها أنهم يستوجبون عليها كرامة وقربة عند الله ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً ﴾ ( الفرقان : ٢٣ ) وذلك أنهم كانوا ينفقون أموالهم رئاء الناس وطلباً للافتخار والاستكبار لا غير، وكانوا يحسبون أنّ ما هم عليه سبب الغنى والصحة، وأنهم محقوقون بذلك.
! ٧ < ﴿ وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ ﴾ > ٧ !
< < فصلت :( ٥١ ) وإذا أنعمنا على..... > > هذا أيضاً ضرب آخر من طغيان الإنسان إذا أصابه الله بنعمة أبطرته النعمة، وكأنه لم يلق بؤساً قط فنسى المنعم وأعرض عن شكرة ﴿ وَنَأَى بِجَانِبِهِ ﴾ أي ذهب بنفسه وتكبر وتعظم. وإن مسه الضرّ والفقر : أقبل على دوام الدعاء وأخذ في الابتهال والتضرع. وقد